رواية من نبض الۏجع عشت غرامي بقلم فاتيما يوسف
المحتويات
لصراخه في الداخل وبالتحديد كلماته الأخيرة وهي تنظر حولها كي ترى ما إن سمعه أحدهم أم لا ولأجل الحظ الذي كان معه لم يكن أحدهم بالقرب من غرفته إلا هي فعلى الفور دخلت ويا ليتها لم تدخل فقد كان في أشد حالات الهوجاء التي تعتريه وهو في انفصامه فقد نفذ الصبر من صبره من كلمات والده وجعله الآن يجلس بعينين
قاتمتين مظلمتين من شدة غضبه بل ولمعة الدمع ما زالت ظاهرة كعلامة للأعمى يراها وما إن رأت حالته تلك حتى و تكتم شهقتها من منظره الدامي الذي جعل قلبها يدق پعنف داخلها شفقة وحزنا على ذاك الحبيب المقهور ولم تعرف ما السبب فاقتربت منه وياليتها لم تقترب وهي تسأله بفم يرتجف
رفع رأسه فجأة وفتح عيناه على وسعيهما وهو يدقق النظر داخل عينيها بنظرة مخيفة ولمعتهما كأنهما مضيئيتان بشړ قادم لا محال نظرته تشبه قط ممسوس أصاب جسدها بالرجفة المخيفة قبل قلبها الذي يرى الآن الغرفة أضيق من خرم الإبرة وهي تراه الآن كمثل جنيا متجسدا في صورة إنسان
أدارت جسدها للناحية الأخرى وكلاهما يدور حول الآخر بعيناي تختلف نظراتها عن الأخرى كانت بقدر رعبها منه إلا أنها مشفقة بشدة عليه الآن ويبدوا أنه كان يتحدث مع أبيه وهو الذي أوصله إلى تلك الحالة
ثم حاولت استدعاء الهدوء وبالتحديد وهو يضع يده في منتصف شعرها من الخلف ويلوي خصلاته الذي فككها ورمى رابطته أرضا بهوجاء فتحملت ألم قبضته لخصلاتها وهي تغمض عينيها وملامح الۏجع شبه مخبئة على معالمها ثم أسند جبهته بجبهتها أنفاسه والخطړ بدأ يتصعد في جسدها الساكن الآن بين يديه وما زال يدور بها وأنفه تلامست أنفها
على صدرها صعودا وهبوطا وهي تضع كف يدها الصغيرة على صدره وأسنانها تصتك هلعا ولكن تحاول أن تسكن ملامحها الهدوء كي تستطيع مجابهته في أهم لحظة بينهما هي الفارقة في طريقهما فلو كسرها الآن وهزم جندها الضعيف وس رق منها أثمن ما لديها ستنقلب كفته حتى ولو كان مغيبا
زفر أنفاسه بقوة في وجهها ليقول برغ بة ملئت جسده الآن من تشبسها بها
اشمعن أنا اتلوثت وعبير كمان مش بس اتلوثت دي اتفحتت وداس عليها قطر القهر والظلم
ثم استرسل وجعه وهوبكف يديه وهو يتحسسهماأصابت جسدها بالقشعريرة
شعرت بسخونة وجهها تحت يديه وأنها على مشارف الخطړ ثم تلامست يديها يداه المحتضنة وجهها ما جعلها اهتزت وأبعدت يداه فورا عن وجهها فاستجاب لها ثم أردفت بتصميم وهي تتجه بعينيها ناحية الأريكة الموضوعة في الغرفة وهي تحاول تشتت أفكاره
زاغت عينيه بينها وبين الأريكة ثم قال بتشبس
لا إنتي عاجباني كدة أكتر ومزاجي عايز كدة يافوفا .
جذبته من يداه وهي تترجاه بتدلل
طب وغلاوة فوفا عندك لا تيجي اهنه وتستريح لسه بدري هو أنا ههرب منك وانت مكلبشني اكدة .
تحرك معها وهو مازال متمسكا بخصرها وخصلاتها ثم جلس على الأريكة ولكنها جعلته نام واستراح عليها وهي تحاول أن تملس يدها بين خصلات شعره كالطفل وأمه كي تجعله يهدأ ويشعر بالأمان معها وبالفعل أغمض عينيه هاتفا ووجهه متأثرا بۏجع
انتي مريحة قووي يافوفا وبفكر أخدك معايا مصر بقيتي زي بالنسبة لي لو مشيت وسيبتك هبقي حاسس اني سايب نصي التاني هنا ومش هبقي مستريح فتيجي معايا أحسن .
سألته بنبرة مستكينة
طب هو ينفع أجي وياك ! طب بمناسبتي ايه
عاد
فتح عينيه فور سؤاله ليجيبها على الفور
بمناسبتك صاحبتي وهشغلك معايا في المستشفى بتاعتنا .
تقبلت هرائه بهدوء
طب عندينا في الصعيد اهنه البنت متخرجش من بلدها ولا تسافر غير ويا جوزها حكاية الشغل والصحاب داي متمشيش معانا خالص .
خلاص أتجوزك يافوفا إذا كانت حتة الورقة دي العائق وماله مفيش مشكلة خالص .... كلمات واثقة نطقها فارس فعقبت عليها وهي تذم شفتيها للأمام بدلال مصطنع وهي تحاول مجاراته
هو الجواز مني مجرد حتة ورقة ! له اني زعلانة خالص منيك هو انت شايفني وحشة ومستحقش أبقي
تمام اكده ابعد يدك بقي ومتلمسنيش خالص إلا لما تاجي تتقدم لي علشان أحس إني غالية وانك هتشتاق لحلالي معاك وقول لي بقي عايز تسافر ليه هو الجو اهنه معجبكش
بالعكس يامزتي ده الجو هنا جميل ورايق كفايه ان انت موجوده فيه ... نطقها بنفس غمزته ووقاحته ثم أكمل وقد تبدلت ملامحه الوقحة إلى ممتعضة فور تذكره امر أبيه
اللي مش عايزني ارتاح خالص في الدنيا بعت لي اوامر اني لازم اسافر له وهو بيمشيني على كيفه وهددني لو ما رحتلهوش باغلى حاجه في دنيتي واخرتي
ثم نظر إليها مكملا وقد التمعت عينيه بالدموع مرة أخرى
تعرفي ان ابوكي الراجل البواب الغلبان ده نعمة لازم تشكري ربنا عليها ليل ونهار يا ريتني طلعت من اسرة فقيرة واب وام متساويين نفسيا ولا ان عماد الجاحد ده يبقى ابويا .
سالته بفضول
هددك بإيه
أجابها وهو يبتلع غصته بمرارة كمرارة العلقم
بچثة أمي اللي مجمدها هيبهدلها وهي مېتة زي ما ډم رها وهي عايشة.
تجمدت عروقها من هول ما سمعت منه وابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وهي تردد بذهول
هو مدفنهاش !
دي إكراموكيف مخبي وليه مدورتش على حد يساعدك اكده حرام قووووي
حرك رأسه للأمام وتحدث بأسى
لسه عارف انها مندفنتش من سنة واحدة بس وأنا أضعف مما تتخيلي اني أقف قدام عماد الألفي كدة هبقى بغامر بيها وبعمري.
ابتلعت ريقها بړعب وهي تتخيله يضيع من بين يديها بسبب ذاك العماد وهبطت دمعة شاردة من مقلتيها وحذرته خوفا من فقدانه فقد وقعت في سهم هواه وقضي الأمر
خلاص يا فارس خليك هنا متسافرش وتسيبني أني محتاجة وجودك قوووي أكتر منك .
سألها بعينين حائرتين متمنيا سماع شئ ما يتردد داخله
ليه
يافوفا مش عايزاني أسافر ومحتجاني إزاي أرجوك اتكلمي
نطقها لسانها رغما عنها وهي تتطلع إلى رجاؤه وهو في حالة انفصامه ورأسها متدليا للأسفل بخجل فهو إن مشى حتما ستنهار
أني هحبك يافارس ومش
متصورة حياتي اهنه من غيرك أرجوك انت متمشيش خليك اهنه جمبي مبتبعدنيش عنك خليك قصاد عيني يا عمري علشان قلبي في بعدك هيتوجع وخلينا اهنه نبني حياتنا مع بعض بعيد عن عماد دي خالص .
دق قلب فارس المنفصم هو الآخر لتلك الملاك دق قلب الحجر الذي لايلين لاعترافها الشامخ بحبه ولكنه خاف وتصارعت الدقات في قلبه مابين العشق والخۏف بالتساوي ثم ترجاها أن تبتعد كى ترحم حالها كي لاينكوي قلبه عليها هي الأخرى فطريقه مكلل بالأشواك
عماد مش هيسيبك ولا هيسيبني عماد هيدمرك وهيدمرني من الأفضل تبعدي عني انتي مش حمل عواصفي .
حركت رأسها برفض وهتفت بنبرة تأكيدية وهي متمسكة بوجوده
متقلقش هنعدي الصعاب مع بعض بس انت فوق يا فارس .
ضم حاجبيه متسائلا
أفوق من إيه
فوق من وهم الماضي واخرج برة قوقعة عماد واتحدى الجبروت بإيمانك وبرة قوقعة عبير واتحدى الخۏف بيقينك انها بين أيادي الله ومهما يعمل هي خلاص روحها عند ربنا والجسد نايم ومش دريان .
إزاي إنتي عايزاني اسيبه يمثل بچثة ماما !
سيدنا حمزة بن عبد المطلب مثل بجثته ولقب بأسد الله وسيد الشهداء واللي عملت فيه اكده ربنا عاقبها عقاپ أليم وصدقني هو بيهددك بس وبيخوفك علشان تخضع له وطول مانت بترفض طلباته وبتقول لا هيفقد الأمل فيك ولو كان عايز يأذيك مكانش كبرك ووصلك للمرحلة دي هو مچنون بيك وعمره يافارس وممكن يضغط عليك بكل الطرق إلا أذيتك .
بس ممكن يأذيني بنبض قلبي يأذيني بيكي يافريدة .
ايه ده انت نطقت فريدة دلوك من غير فوفا ولا مزة ولا الحوارات داي واصل !
انت دلوك واعي واوعاك تدخل جوة قوقعة ماضي الفارس الأليم تاني .
مش بمزاجي بلاقي دماغي راحت للۏجع وبحلم بعبير كتير وبلاقيني اتحولت ونفسي بتجبرني أتشرد وأشرد اللي حواليا .
أول مانفسك تاجي تجبرك افتكرني وافتكر بسمتي وأملي في اني هغيرك علشان انت جمييل يا فارس .
انتي هدية ربنا ليا ولو خسرتك انت كمان هضيع في ظلمات تشرد نفسي أكتر وأكتر .
أوعدك اني عمري ما هفارق إلا لو ربنا أراد ياخد أمانته .
بعد الشړ عنك ياملاكي إن شاء الله عماد مليون مرة وانت تعيشي تنوري الدنيا وتنوري ضلام الفارس.
طب قوم بقي اتوضى وصلي العشا وصلي كتييير قوووي واقرأ قرآن كتييير واذكر ربنا كتييير الذكر بيطمن القلوب قوووي .
بابتسامة عذبة أنارت وجهه هتف بطاعة وأكمل مشاغبا إياها
حاضر يادكتورة قومي البسي حجابك شكلك نسيتي نفسي .
وضعت يدها على رأسها وشهقت بذهول من نسيانها حالها وهي تجذب حجابها
حرام عليك يا فارس اللي هتعمله فيا دي والله انت خربطت لي دماغي على الاخر ونسيتني اسمي وشكلي وهويتي وشكلك عايز تنسيني ديني وهدخل جهنم وبئس المصير على حس عبثك دي ارحمني لما تيجي ڠضبان مش أول حاجة تعملها تمد يدك على حجابي ارجوك مد اليد حرام ومن أكبر الحړام والغلط .
غمز لها ونطق بطريقة دعابية
طب ماتلميني من الحړام والغلط واتجوزيني وساعتها لما أشيل حجابك أو أي حاجة تانية تقابلني في الطريق يبقي حلال الحلال.
قامت من مكانها وهي تعدل هيئتها
كل بأوانه يا فارسي واتقل تاخد حاجة نضيفة.
قوس فمه بانزعاج مصطنع ليقول بمشاغبة
اهو بعد فارسي دي الآوان ده مينفعش خالص وكله لازم يدوق طعم الحلال يا فوفا .
ابتعدت عنه
يووووه يادي فوفا متقولهاش تاني أول ما تقولها قلبي بينقبض أبوس يدك متبهدلنيش وياك .
مد يده بعبث
طب بوسي يا فيري ده يبقي يوم السعد والهنا .
غمزت بعينيها بشقاوة وقد ظهرت
غمازتيها في منتصف وجنتيها بطريقة ساحرة جعلته هرول اليها ولكنها ألقت كلماتها وهربت على الفور مما جعله وقف مغتاظا
دي بعدك يا
دوك .
وقف مبتسما ينظر إلى طيفها بسعادة لا توصف فقد دلفت إليه وهو في قمة الحزن بل وأعلى درجاته ثم أبدلت حزنه إلى سعادة وجعلتهآن كي تكتمل سعادته وداخله يردد بانتشاء وما زالت عيناه تتبعها
يخذل برد أربعين شتاء
في منزل ماجدة حيث أصر عمران أن يحضر جلستها مع مها تحت تزمتها ولكنه لم يدعها تنفرد بها فهو وعد جاسر ان يجعله يأتي غدا وأنه بفضل الله أولا ثم مجهوده سيجعله يجبر غدا
كانت مها تجلس بتوتر للغاية فهي قد استشفت من مغادرة جاسر قبل أن يلتقيان وجود مشكلة ما عندما استدعتها والدتها بعد أن غادر جاسر فتحدثت ماجدة
شوفي يا بتي انت دلوك جاي لك عريسين عامر اخو
جوزك الله يرحمه وجاسر اللي انت شغاله عنديه عامر لسه مكلمني من شوي على التليفون قبل ما جاسر ياجي وشايف ان هو أولى بيكي لأنك كنت مرت اخوه وأي حد مكانه هيقول اكده وأي حد هيسمع هيقول عين العقل
دلوك عايزة اعرف رأيك بس حابة اعرفك اني مرجحة كفة عامر اكتر من جاسر جدع زين ولد حلال وانت معاشراه وعارفاه كويس قوي انه هيتقي ربنا فيك اما جاسر مجرد انك اشتغلتي عنديه ولا تعرفيه ولا تعرفي طبعه خليكي في اللي نعرفه احسن من اللي منعرفهش .
كادت أن تعترض رأي والدتها الا أن سكون تحدثت باستجواد
بعد اذنك انت يا ام الزين اصبري قبل ما تقولي رايك طب ليه يا امي ترجع تتجوز اخوه هي ما عندهاش اولاد علشان خاطر تنجبر تتجوزه ايه اللي يخليها ترفض فرصة عريس زي جاسر متمسك بيها وبيحبها ومحترم وابن ناس وشاريها قوي
ايه اللي يخليها ترجع لعامر وتفتكر الايام السودا اللي كانت عايشاها مع اخوه وتفتكر ولادها اللي ماتوا !
انا مش معاكي ابدا في رأيك يا أمي
دلوك الرأي رأيك يا مها شوفي اللي هترتاحي له فيهم مين
واللي شايفه نفسك هتقدري تتنفسي وتشوفي الدنيا وتعيشيها معاه شوفي راحتك انت الأول يا حبيبتي فوق أي اعتبارات دي حقك اللي اداه لك ربنا .
هنا هتفت ماجدة باعتراض على كلام سكون
طب والجدع يعيبوا ايه يا بتي دي حاله يصعب على الكافر بولاده اللي رجع بيهم وأهم هيعوضوها عن ولادها اللي فقدتهم .
هنا تحدث عمران معترضا هو الآخر على كلام ماجدة مرددا بهدوء كي لا يثير ضيقها
طب وهي فين من كلامك يا امي !
على حسب ما عرفت ان المرحوم ربنا يغفر له ويسامحه كان موريها المرار وما شافتش معاه يوم حلو من حقها تغير العتبة خالص
وخلي بالك ولاده اللي انت هتتكلمي عنيهم دلوك وهي هتربيهم في النهاية هتبقى مرت أبوهم ويا مربي غير ولدك ياباني في غير ملكك فخليها تشوف بنفسها هي عايزه ايه من غير ضغط مني ولا من سكون ولا منك ولا من أي حد ربنا سبحانه وتعالى ادى للست حقها في الاختيار مداش للظروف الحق في الاختيار .
حركت ماجدة رأسها للأمام باقتناع لكلام عمران ثم سألت مها
خلاص اللي تشوفه يا ولدي وانت يا مها رأيك ايه واعتبري اللي قلته ما لهوش لازمة .
رمقتها مها بنظرات خذلان وهي تسألها بعتاب قبل أن تجيب من منهم ستختار
اظن يا امي اني لما رجع عامر قلت لك انا مش عايزه اشوفه ولا اعرف عنه اي حاجه ولما يسال عني تقولي له اني مش موجوده ده يدل على ايه
يدل على اني كارهة دخول البيت دي تاني البيت اللي اندفنت فيه احسن سنين شبابي اللي ضاعت في روحي وهي بتداس كل يوم وانا كنت اشتكي لك كل يوم والتاني وانت كنت هتقولي لي استحملي واصبري ما عندناش طلاق مش لو كنت اطلقت منيه وبعدت انا واولادي زين وزيدان كان زمانهم عايشين دلوك وياي من غير هم ابوهم ومن غير ما انشغل عنيهم .
انهت كلامها وانهمرت الدموع من عينيها
متابعة القراءة