رواية من نبض الۏجع عشت غرامي بقلم فاتيما يوسف
المحتويات
وهي تداعب الطفل بين يدها ثم قربته من أنفها ټشتم رائحته فهي تعشق رائحة الأطفال في ذاك السن بشدة
لطالما كان للحضن سحر خاص يميزه عن أي لغة أو تعبير آخر فهو لغة عالمية يفهمها الجميع لغة لا تحتاج إلى ترجمة لغة تتحدث من القلب إلى القلب لغة تلامس المشاعر وتسكن الروح سكنا ومأوى لمن حرم من منزل احضان حبيبه وهذا الطفل الساكن الآن بين أضلعها جعلها تشعر بكل هذه الأشياء
ياه لساتك هتحني للأطفال وتشمي ريحتهم وانتي هتضميهم يامها لساتك رقيقة وناعمة زي مانت والدنيا مش زايداكي غير الحلا وبس يا اجمل ما شافت عيوني .
أغمضت عينيها وهي تحاول أن لا تنظر له وهو يلقي عليها كلماته الناعمة التي سحبتها لشباك الخطيئة يوما من الأيام تلك الخطيئة التي
ولكنها استجمعت قواها المشتتة الآن وهتفت بنبرة جادة دون أن تنظر إليه
انت رجعت ليه ياعامر
اهتز جسده بلهفة لسماع اسمه من بين شفاها بعد أن حرم منه مدة طويلة وقصد النظر داخل عينيها وهو يجيبها
هي اسمها مها مش ماهي
هز رأسه للأمام بتأكيد
قلت قدام خالتي ماجدة إن اسمها ماهي علشان ملفتش الانتباه للاسم واسبب لك إحراج لساتي بخاف عليكي حتى من نظرة اي لوم وعتاب .
شعرت بأن الدنيا تدور حولها وبأن غمامة الماضي الأليم تعود تنسج خيوط الألم من جديد حول أمانها الذي بنته طيلة المدة المنصرمة ماذا بك ايها الأزمات الم تتركيني بعد وتلتفي حول غيري !
ثم حاولت تهدئة مشاعرها الثائرة المقاتلة لأجل أن تواجه بصرامة متسائلة إياه
طب والمطلوب مني ايه ياعامر
استوعب سؤالها واردف بنبرة هادئة متجنبا كل القلق الذي يشعر به داخله من نظراتها الغير مفهومة له وأغلبها
نقول بسم الله وجاي اطلب يدك عايز اتجوزك يامها
وأكمل سريعا كي يلاحق أفكارها التي تهاجم مخيلتها
وقبل ما دماغك تروح لبعيد أني معايزكيش مربية لولادي ولا دي غرضي اني استغلك في النقطة داي
ثم استرسل حديثه وهو يرمقها بنظرات هائمة
اني عايز اتجوزك علشان محتاجك إنتي بالذات ارجوكي كفاية عناد بقي .
اهتز فكها ساخرا من عرضه وكل كلماته وبالتحديد كلمته الأخيرة
له هو انت فاكر اني رفضت زمان عند يا عامر !
وأكملت بتشبس برأيها
اني رفضت زمان علشان انت مينفعش توبقى موجود في حياتي اللي دخلتها غدر من الأساس ودلوك بردو لنفس السبب علشان ما بني على باطل فهو باطل.
قوس فمه بتعجب من كلامها
يعني ايه ما كل حاجة خلصت ورفضك دلوك ملهوش مبرر اني اولى بيكي من اي راجل انتي كنتي مرت اخوي اللي ماټ وأي حد عاقل قاعد معانا هيقول لك كلام الراجل دي عين العقل يامها .
لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة
حد مين دي يا عامر هو الحد اللي إنت هتتكلم عنيه دي عارف انت عميلت
فيا ايه
واسترسلت وهي تشير إليها بكفاي يديها بامتعاض
انت دمرتني نفسيا وجسديا وخلتني حطام ست خلتني کرهت نفسي کرهت امومتي کرهت اي راجل وجاي دلوك تقول لي اني اولى
بيكي وبتملى بوقك بيها كمان !
ياشيخ حرام عليك اني ما صدقت لقيت مها اللي ضاعت واندفنت من سنين جواك انت واخوك الله يرحمه.
ايه انتي بقي كفاياكي ذل فيا إنتي ! ملعۏن ابو قلبي ياشيخة اللي راهن حاله تحت رجلك ملعۏن ابو القلب اللي عشقك سنين وضيع شبابه عليكي ...كلمات وجه مقتضبة بملامح وجه مكفهرة ثم نهض غاضبا وتحرك من أمامها ويبدو عليه القهر فلم يكن يتوقع أن يكون ذلك ردها له ومقابلتها الجافة الباردة له وكأنها رأت أكثر شئ تكرهه في حياته بل وثقيل ثقل الجبال على قلبها
واستطرد قائلا بنبرة جادة
كلامي بقي مع اخوالك ووالدتك علشان اني جبت أخري منك يامها بس مش دلوك بعدين هسيبك تهدي من مفاجأة رجوعي وتستوعبي كل الكلام اللي اتكلمنا فيه وبعدين يفرجها ربنا ابقي قولي لخالتي ماجدة اني مشيت عشان العيال تعبوني .
رفعت احدي حاجبيها متعجبة وأكدت له بقوة
والله انت اللي محتاج تستوعب اني مبقتش مها الهبلة الخنوعة بتاعت زمان يا عامر لااا اني دلوك واحدة فرمتها الظروف وأنها جت على نفسها من أول مرة اتنازلت عن حقوقها كزوجة مع اخوك كنت المفروض زمان اقف في وش الكون كله وأهبش حقي من اللي ظلموني بس لما ركبت قطر التنازل اللي جر وراه محطة الخطيئة بقت تذكرة رجوعي غالية قوووي بس على ما وصلت دفعت التمن غالي وانت عارفه كويس
ثم أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم
زمان كنت هخاف من كلام الناس وملام امي وأوامر خوالي اللي هتتحدت عنيهم ودفنت حالي ورضيت باللي مترضاش بيه اي ست وكان علي يدك بس خلاص دفعت التمن غالي ومش هعيد الماضي الأليم دي تاني وياك يا عامر مهما سقت عليا الخلايق كلاتهم مش هبص غير لحالي واللي يسعدني ويرضيني وبس علشان دي حقي اللي ربنا ادهولي.
كان يستمع اليها بقلب يخفق ۏجعا بل ېنزف دماء الحيرة والتعلق بها ماذا يفعل هو الآخر بقلبه لم يستطيع إخراجها منه ولو يوما واحدا كي يجرب كيف تكون نظرة الحياة له بدون وجودها فيها ما بك ايها الحب الغريب لم يستطيع فهمك أحدا
قدر واثق الخطى يهبط على قلب بني آدم ويرغمه على الرضوخ ضد إرادته ضد ظروفه والأدهى أنه يجبرك أن تتحمل النتائج وترضخ لها عنوة وڠصبا !
مشاعر مختلفة الفراق والحبيب أمام أعيننا الغربة والوطن محتومين علينا
فالمشاعر عين تشير للجسد والجسد يعطي أوامره للقلب وليس العقل والقلب يتغشم ويلقي حاله في غيابات جب المشاعر دون أن يرأف أو يسمح للعقل بتمعن الظروف
التي تليق بك ايها القلب ام لا
بعد أن أنهت كلماتها ناولها يده كي تعطيه الطفل دون أن يرد على كلمة واحدة مما قالتها فقط عيناه اللائمة هي من قامت بالواجب معها ضمت الطفل النائم إلى صدرها بحنو بالغ وقبلته بنهم والشعور بالحنين يسرى بجسدها مجرى الډم في العروق
ثم ناولته الطفل بأيد ترتعش ويصعب عليها اعطائه له فقد شعرت بدفئه بين أحضانها بشدة ولكن قوت حالها وأعطته إياه ووجهت أنظارها بعيدا عنهم ثم حمل اطفاله وخرج ليعود بقلب محطم فقد جاء آملا وخرج خائبا
أما هي تنفست الصعداء فور خروجه ثم خطت طرقة منزلهم الطويلة ودخلت إلى المطبخ كي ترى والدتها ماذا تفعل وتلوم عليها لأنها تركتها وحدها مع ذاك العامر فاندهشت وهي تراها تشعل
الخلاط الكهربائي وأمامها كمية الطماطم الكثيرة تلك ويبدو أنها نست أمرها أو يبدوا أنها هي التي تناست برغبتها
ثم سألتها بذهول
هو انتي نسيتي ان عندنا ضيف برة راجل غريب وقاعدة اهنه تسبكي وټضربي طماطم وسبتيني لحالي وياه !
رفعت حاجبيها وهتفت باستنكار
وهو عامر ضيف يابتي دي عشرة عمر وصاحب مكان واني قلت اسيبكم تدردشوا مع بعض شوية هو هياكلك يعني
ضيقت عيناها ووجهت لها سؤال بذهول
وه هو مبقاش راجل غريب عني ولا ايه !
لو سمحتي يا امي لو جه تاني بلغيه اي وقت اني مش موجودة مش عايزة أقابله خالص .
تحدثت والدتها بنبرة صوت فخورة وإطرائية وهي تمدح ذاك العامر
ليه بقي إن شاء الله دي جدع متربي وزين وعمر العيبة ما طلعت منيه وشكله راجع وناوي علي خير افتحي إنتي سكة الخير وياه ومتقفليش على حالك يابتي اني قريت في عينيه أنه رايد الود والقرب واني عيني متكذبش أبدا.
اهتز فكها ساخرا
من كلام والدتها وكأن الجميع اتفقوا اليوم على قهرها
وأني بقولها لك اهه بكل تصميم واحنا لسه هنقول يا هادي اني ولا عايزة ود ولا قرب ولا عايزة المحه خالص .
لم تعطي ماجدة لحديثها أهمية وفسرت موقفها ذاك على أنها رافضة مبدأ دخول أي رجل في حياتها وليس عامرا بالتحديد وأنها لن تتعافي من صډمتها بعد فهدئتها بكلمات أتت ببالها كي تهدأ
وبعد ذلك تفاتحها بهدوء
ماشي يابتي اللي على كيفك روحي يالا انت البسي وروحي على شغلك علشان متتأخريش .
شهقت مها بشدة وهي تتذكر جاسر وأنها أغلقت الهاتف في وجهه فور رؤيتها لعامر وسماعها أولى كلماته فض رب الخۏف بأوردتها والآن هو بالتأكيد يستشيط من ما سمعه وإغلاقها للهاتف فجرت من أمام والدتها مسرعة فذاك الجاسر لها أصبح النفس ومنياها والعوض والجبر وهواها الذي انتشلها من الضياع ووضعها جميلة أمام أعينها جعلها تشعر بأنوثتها وكينونتها وأنها امرأة مرغوبة فهو لها الآن بكل الرجال بل وأعظهمم وأهمهم هو لها الآن الترياق لقلبها المهموم صاحب الغرام الاول المتيم لقلبها المحروم
هرولت إلى غرفتها سريعا وأغلقت الباب ورائها ونست كلمات والدتها وأمر ذاك العامر وكل شئ وذهبت لكي تراف بحال مسكين يتأوى الآن على جمر الن ار مما سمعه
فتحت هاتفها وما إن فتحته حتى اتتها رسائله التي لا حصر لها وما زال الهاتف يشعل نغمة الرسائل واحدة تلو الأخرى ولكنها لم تهنئ على قرائتها بل وجدت نقش إسمه على الهاتف فور أن أتته رسالة بأن الهاتف متاح الآن وما إن أجابته حتى ھجم عليها كالۏحش الضاري
انتي إزاي تقفلي التليفون واني هكلمك يامها ! ومين الباشا اللي كان هيقول لك اتوحشتك قوووي يامها كيفك انطقي حالا يا إما هرتكب چريمة بسببك النهاردة.
ابتعلت أنفاسها خوفا من هجومه الضاري عليها وأنه استمع بالفعل إلى كلمات ذاك الأرعن الذي جعلها الآن لم تستطيع النطق ولا إجابته ببنت شفة مما جعله يعتلي صوته مرة أخرى آمرا إياها وهو يدور في المكتب حول نفسه پغضب عارم وصل عنان السماء والأرض من صمتها الذي جن جنونه أكثر
وكمان ساكتة والزفت عمال هيتجنن على دماغه بسببك يا هانم شوفي قدامك ربع ساعة وتاجي دلوك على المكتب يامها ورب الكون إني اتأخرتي لهكون قدام بيتك بعدها بدقايق واللي يحصل يحصل .
تمتمت سريعا وهي تذهب ناحية خزانة ملابسها وما زال
الخۏف من هوجاء ذاك الجاسر وغيرته فتتت أعصابها وجعلتها مړتعبة للغاية فلأول مرة تراه هكذا
حاضر والله هلبس بسرعة وجاية بس انت اهدي مفيش حاجة حوصلت لدي كلاته .
ض رب على المكتب بقبضة يديه وما زالت الغيرة من صوت ذاك الرجل وكلماته التي سمعها تشعل النيران في جسده هادرا بها
أهدى مين يا هانم عايزاني اسمع راجل جاي لك لحد بيتك ويقول لك كيفك وانك وحشتيه وأهدى !
ثم مسح على خصلاته بضيق شديد وما زالت مشاعر الغيرة تزداد أكثر عن ذي قبل بكل كيانه
مفيش حاجة اسمها اهدى خالص هو انتي شايفاني مچنون قدامك انجزي يامها اني على اخري دلوك ومش طايق دبان وشي .
أغلق معها الهاتف ورماه على المكتب پعنف وحالته الآن يرثى لها وداخله ثائر كالبركان على وشك الانف جار فهو مع تلك المها بالتحديد لن يتحمل خسارتها لاااا بل لن يسمح أن تبتعد عنه فهي المرأة الوحيدة التى شعر معها باحتياجها له هي المرأة الوحيدة التي رأى في عينيها نظرة الانبهار به وبشخصه راي تعلقها به دون أن تحكى فيها من معالم الرقة والسحر والجمال ماجعله وقع صريعا في هواها من مجرد صورة فقط ظل يدور في المكتب بأعصاب هائ جة ثائ رة يود أن يذهب إلى منزلها الآن ويسألها عن مكان ذاك الرجل ويهرول إليه ويختنقه بين يده لأنه نعت حبيبته ومغرمته بوحشتها له فما بالك أيها الجاسر إن علمت من يكون ذلك العامر ولماذا أتى !
ظل هكذا والأفكار والمخيلات تعصف بعقله كالرياح العاتية وداخله يردد بتصميم
كلهم غير إلا إنتي يامها كلهم خسارتهم ولا حاجة ولا تسوى شئ إلا انت يا ام الزين إلا انت .
دلفت مها إليه مهرولة وهي تشعر بالارتياب والارتباك معا من صوته الغاضب وما إن دلفت ورأته بتلك الهيئة الغاضبة بشدة وعلامات الوجوم تعتلى وجهه ولأول مرة تراها على وجهه فدوما تراه سمحا مبتسما لها فاتحا ابواب قلبه الجميل بسعة صدر لها والآن يبدوا أنها ستبدأ مواجهة الصعاب معه وخاصة في وجود ذلك العامر من جديد
القت السلام بنبرة هادئة تبدو عليها الاستكانة حتى لايرى توترها
السلام عليكم و رحمة الله اني جيت اهه في شغل مطلوب مني
قام من مكانه وأشار إليها أن يذهبا إلى الأريكة الموجودة بالمكتب كي يستطيعا التحدث وهو يحاول كبت غضبه وغيرته داخله ويحاول التعامل بهدوء وبعد أن استقرا سألها بنبرة جليدية استدعاها خصيصا لأجل أن يهدأ ثوران مشاعره
مين الحلو
اللي كان هيقولك كيفك واتوحشتك هو إنت عنديكي خوات رجالة واني معرفش
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة واجابته وهي تحرك أصابع يديها بتوتر
دي عامر اخو مجدي الله يرحمه لسه راجع من السفر.
ض رب على المنضدة التي أمامه پغضب ولم يستطيع التعامل ببرود وخاصة بعدما عرف كينونة ذاك الشخص واسمه
عامر مين يا استاذة قولي تاني اكده مسمعتش ! وهو أخو المرحوم هيقولك اتوحشتك عادي اكده داي نبرة صوته وهو هيقولها وصلت لي وجمعت شكله
متابعة القراءة