رواية للعشق وجوه كثيرة بقلم نورهان العشري
المحتويات
عليها حديثها لتهب واقفه وهي تتلاعب
بمقدمة ثوبها لكي تخفي ارتجافه يدها و تقول بنبره حاولت جاهده أن تجعلها ثابتة قدر الإمكان
يبقي تثبتلي انك بتحبني
التقمت عيناه توترها الملحوظ و رجفة يدها و تململ الكلمات علي اعتاب شفتيها فاقترب منها قاصدا بأن يطيح بكل ذرة ثبات تمتلكها ممارسا ببراعة سحره على قلب يهيم في هواه ليقول بهسيس خشن أصاب ثباتها في مقټل
تطلقني
يتبع
الثاني و العشرون
لله سلمت أمرا لست أعلمه
مالي على حمله لكن سأرضاه
رباه لولاك لا سند ولا أحد
فأنت حسبي وحسبي أنك الله
طلقني
اقصد يعني نمثل قدامهم اننا اتطلقنا لحد ما نشوف هنعمل ايه معاهم
تجمد يوسف للحظات يحاول أن يستوعب ما تفوهت به ليتحول جموده تدريجيا لڠضب كبير و هي تكمل تلك التراهات التي تخرج من ثغرها التوتي الذي يريد الآن و بشده أن يعاقبه و يفتك به ليلقنه درسا كبير علي كل هذا الغباء و لم يدري أن يداه كانت تقبض عليها بقوة آلمتها فأخذت تتململ بجانبه وهي تتمتم پألم
زفر يوسف محاولا التنفيس عن غضبه الذي لا نهاية له فتركها بغتة و هو ينظر إليها بنظرات مرعبه تشير بأنه على شفا الإڼفجار ليتحدث بلهجة آمرة لم تعتادها منه
تلت دقايق تكوني مجهزه حاجات عشان نمشي مستتيك تحت
القى بكلماته و توجه ناحيه باب الغرفه و هو يحاول التحكم بغضبه كي لا ېحطم الغرفه فوق رأسها ليجد تلك التي هرول قلبها ساحبا إياها خلفه لتمسك به قبل ان يخرج وتديره إليها وهي تهمس وعينيها تغلفها طبقه كريستالية نتيجه تجمع العبرات في مقلتيها
حاول يوسف ألا يضعف أمام حزنها الذي أدمي قلبه ليقترب منها رافعا ذقنها لتصبح عينيها في مواجهته و هو يقول بثبات عكس كل ذلك التخبط الذي يشعر به
المرة اللي فاتت لما سميرة هددتك هربتي يا كاميليا
لم يتلق رد سوي اعتذار صامت من عينيها مصحوب بدموع الندم الذي يقرض كل ذرة في داخلها ليردف بنفس نبرته
الهروب ضعف يا كاميليا و انا مش هقبل تكون مراتي ضعيفة انا شايل عيله كامله علي كتافي لو مقدرتش اوفر الأمان و الحمايه لكل فرد فيهم يبقي مستحقش اكون كبيرهم لو مش مدركه لكل دا يبقي دي مشكلتك
يوسف
قاطعها بعنفوان رجل لم يعرف معنى الضعف أبدا
انا معنديش وقت للهروب لو عايزه تتطلقي عشان اي سبب من الأسباب يبقى هاخدك دلوقتي ع المأذون و ننهي كل حاجه و بردو هفضل جمبك و هفضل أحميك
رقت نبرته قليلا قبل أن يضيف
اما لو عايزه تكملي معايا يبقي تحطي إيدك في إيدك و تواجهي الدنيا كلها وانت رافعه راسك و مقدره انت مين و مرات مين
الإختيار ليك و صدقيني مش هناقشك في اي قرار هتاخديه و لا هفرض عليك حاجه و هنفذلك اللي انت عيزاه
قال جملته الأخيرة وهو يشعر بغصة في حلقه سرت مرارتها إلي قلبه الذي اړتعب من فكرة فراقها و لكنه أخذ قراره إما أن تفعل ما يليق بها و بقلبه او تدفع ثمن خياراتها
اغلق باب الغرفة خلفه و هو يلتقط هاتفه و يجري مكالمه هاتفية ليقول بعد ثوان
هات أدهم و تعالولي عالقصر دلوقتي حالا
و بعدين يا علي من وقت ما رجعنا إسكندريه و انت حالك مش عاجبني هتفضل كدا كتير
كان هذا صوت فاطمة التي منذ ذلك اليوم عندما قرر
على الرجوع إلي الإسكندريه فجأة وهي تراه على غير عادته مشتت و غاضب و متجهم الوجه ليخبرها قلبها بأن شيئا ما حدث معه و لكنها أبت التدخل إلا أنها لم تحتمل أن يكون
فلذه كبدها بمثل هذا التشتت و الضياع لتأخذ قرارها بالتحدث معه
ماما بتقولي حاجه
جفل على إثر صوت والدته الذي اخرجه من شروده فلم يلحظ ما كانت تقوله فقد كان غارق في عالمه الخاص
مالك يا علي
مالي يا ماما
متغير من يوم ما كنا في القاهرة و خرجت و قلت شويه و راجع و جيت حالك متشقلب كدا ممكن اعرف حصل ايه
زفر علي بحزن و الإحساس بالذنب يتآكله من الداخل فلأول مرة في حياته يعجز عقله عن التفكير ليهب من مكانه ناصبا عوده متوجها لنافذه غرفته ناظرا للفراغ لا يدري بماذا يجيب والدته لتفاجأة هي و تقطع عليه شوط طويل من المقدمات
حصل إيه عند جدك خلاك كدا يا على
الټفت لها علي متفاجئا من ذكائها لتبتسم بهدوء و تقترب منه قائله
إيه يا علي فكرت انك كبرت عليا و هتعرف تخبي عني
لعلمك بقى انا بفهمك من عنيك و هفضل كده على طول فمتحاولش مرة تانية تخبي عليا عشان هاخد منك موقف يزعلك
ابتسم علي و امسك بكفيها مقبلا إياهم وهو يقول بحب و نبرة يشوبها الأسف
حقك عليا يا ست الكل انا مكنتش عايز اضايقك أو أشغلك معايا
نظرت إليه فاطمه بنصف عين و هي تقول بتهكم
و دا من
امتى ان شاء الله عموما احنا لينا قاعدة طويله عشان عنيك فيها كلام كتير يا سيادة الرائد
تحدث علي بمرح
دا إستجواب بقى
أضافت فاطمه بنبرة آمرة مصطنعة
بالظبط كدا اتفضل اقعد و قولي حصل ايه
انهت جملتها ثم امسكت بكفه و اجلسته بجانبها و اعطته إيماءة من رأسها بمعنى ان يبدأ بالحديث ليبتسم على طريقتها التي تجعلها و كأنها طفلته و ليست والدته ليبدأ حديثه من عمق المعاناة التي يشعر بها
عمرو كلمني عشان اروح اشوف جدي لان حالته الصحية متدهورة بصراحه مكنتش ناوي اروح بس في آخر لحظه غيرت رأيي لما افتكرت بابا الله يرحمه و قولت
مينفعش يكون تعبان و مروحلوش
صمت لثوان و صوره جده بذلك الضعف تشعره پألم لا يدري ما سببه ليتتابع بصوت حاول ان يكون ثابتا
دخلت لقيته نايم عالسرير و متعلقله خراطيم و محاليل بصراحه اټصدمت لما شفته متخيلتش ان كل القوة و الجبروت دي في لحظة تتحول لمنتهى الضعف اللي انا شفته فيه وقتها كان نفسي أسأله سؤال واحد كل جبروتك و قسوتك نفعوك دلوقتي بس فاجئني بكلامه
عودة لوقت سابق
انا عارف يا علي ايه اللي بيدور في دماغك دلوقتي زمانك بتقول الراجل الضعيف دا هو اللي كان من كام سنه
بس بيحاربنا و عايز ياخدنا من امنا
كان هذا صوت هاشم الرفاعي الجد الأكبر لعلي و قد اهتزت نبرة صوته من كثرة التعب فقد تمكن منه المړض ليشعر بأن أيامه علي وشك الإنتهاء فحاول ان يصلح بعضا من أخطائه ليقول پألم
انا عارف كل اللى بيدور في دماغك يا ابني و أنا استاهله و استاهل انك تشمت فيا
قاطعه علي و قد غص حلقه من كلمات جده و
لكنه حاول الظهور بمظهر اللامبالاه
استغفر الله لو سمحت متقولش كدا مفيش شماته في المړض
ابتسم هاشم ابتسامه بطيئه فأي غرور قد اعماه ليبقي بعيدا عن أحفاده فقد شعر بأنه أضاع الكثير من الأشياء القيمه في هذه الحياة ليمد كفه المرتعش لعلي و عيناه يملؤها التوسل بألا يرد يده خالية ليتبادلا النظرات لمدة ليست قصيرة حتى شعر هاشم بالحزن فهاهو حفيده يرفض حتى الإقتراب منه و حين أوشك علي إعاده يده التقطها علي محاولا ألا يظهر أي ردة فعل و أخذ يقنع نفسه بأنه يفعل هذا لذكري والده و أيضا فإن أخلاقه تمنعه من أن يرد يد عجوز قد امتدت إليه ليضغط هاشم بكل ما يمتلك من قوة علي يد علي و قد فرت دمعه هاربه من عينيه تحكي مدى ندمه وأسفه وهو يقول
انا عارف إني مستهلش يا علي
صدقني يا ابني عارف بس انا طمعان في شهامتك و مروءتك و عايزك متحرمنيش من اني اموت وسط احفادي اللي اتحرمت منهم عمري كله بسبب جبروتي و غبائي
قطب علي جبينه فهل سيتجرأ و يطلب منه أن يبعدهم عن والدتهم مرة ثانية ليقول باستفهام غاضب
تقصد ايه
أقصد إن آن الأوان نتجمع مع بعض و نلم شملنا يا علي و تيجوا تعيشوا معايا في القصر و تاخدوا حق ابوكوا
ثار علي و هب من مكانه منفعلا و قد تذكر معاناة والديه بسبب ذلك الرجل
أبويا اللي انت حرمته من كل حاجه و فضلت تحارب فيه طول عمره و حتى بعد ما ماټ مفوقتش بردو و استمرت أنانيتك و جبروتك و حاولت تحرم عياله من أمهم تصدق أنا غلطان إني
قاطع حديثه سعال قوي خرج من جوف هاشم ليتقدم اليه بلهفه ليمسك هاشم بكفه و هو يبتسم بود فقد لمسه قلبه تلك اللهفة التي وجدها في عينيه ليقول بحب
تعرف يا علي ان عينيك نفس عنين ابوك الله يرحمه انت واخد نفس صفاته كان يتخانق معايا و يقسى عليا و لو حس اني تعبان و لا فيا اي حاجه كنا بييجي جري عليا و كنت بشوف في عنيه نفس اللهفه اللي شوفتها في عينيك دلوقتي
حاول علي أن يترك يداه فقد أصابته كلماته في الصميم ليتمسك هاشم بيده أكثر و هو يقول في ضعف
المرادي انا عايزكوا كلكوا يا علي و تقدر تجيب الست والدتك معاكوا
تفاجأ على من حديثه و لكنه سرعان ما أجاب بسخريه
و إيه سبب الټضحية العظيمة دي
ليجيبه هاشم بفظاظة و قد أبي الإعتراف بأخطائه حتى و إن نوى إصلاحها
عشان احفادي مقدرش ابعد عنهم و اموت و هما مش حوليا مضطر اتحمل و اضحي باي حاجة في سبيل انهم يكونوا جمبي اللي باقي لي من عمري
شعر علي بالسخرية من نفسه
لظنه بأن هذا العجوز
يمكن ان يلين و يعترف بأخطائه ليتجاهل براكين الڠضب التي عصفت بداخله و تحدث بنبره قويه و ثابته
انا مقدر تضحياتك دي بس طلبك مرفوض يا هاشم بيه انا و امي و اخواتي هنعيش في بيتنا بيت ابويا اللي اتربينا فيه و مش هنقدر نسيبه ابدا و لا
نعيش في مكان تاني
ثم اقترب قليلا منه مضيفا بلهجة حادة
البيت اللي امي متتشالش فيه عالراس ميلزمناش و حق ابويا اللي انت بتقول عليه خليهولك يمكن ينفعك احنا مش محتاجينه
القي علي كلماته التي استقرت في قلب ذلك العجوز و قد أدرك انه أخطأ هذه المرة أيضا ليردف بعدما رأى علي على وشك المغادره
هستناك تفكر و ترد عليا يا علي انا عارف
متابعة القراءة