رواية صړخة على الطريق للكاتبة ډفنا عمر
المحتويات
ومبسوط في حياتك..
تسلمي يا سارة
ربنا يسعد الجميع.
يارب هسيبك واشوف الضيوف بس بلاش تقف لوحدك غلبان في نفسك كده.
ضحك لرقتها وحنانها الذي لا يتعجبه انا أصلا كنت مع أشرف وريان ورائف سبتهم وجيت هنا في الهدوء شوية.
لا إن كان كده ماشي يا استاذنا..سلام.
تركته فعاد يبحث عن من صارت تحتل تفكيره گ المراهق حديث العهد بأمور الهوى مشاعره تضخم نحوها بشكل لا يمكن مقاومته لذا عزم على شيء ما يشعر انه صار وقته خاصتا حين لمحها أتية فاقترب حتي بلغها وقال ازيك يا شمس.
رصد وجهها مليا بنظرة فاحصة قبل أن يغمغم شكلك مرهق اوي.
شعرت بحرارة وارتباك وهو يتأملها هكذا صوته الدافيء الذي بعثرها أكثر لكنها تماسكت بثبات زائف
عادي من سهر كام يوم ومشاوير كتير أنا وسارة..عموما هرتاح يومين بعد الفرح.
بس رغم أرهاقك انتي جميلة أوي انهاردة..
شمس استني.
وقفت ليقترب خطوة مع اعتذاره أسف والله مقصدش اضايقك هي طلعت مني عفوية..
تقبلت اعتذاره بهدوء ماشي حصل خير..اسمحلي بقي عشان ارحب بالضيوف اللي لسه بيجوا.
أوقفها سريعا برجاء طيب ممكن اكلمك دقايق بس.
صمت قليلا يطالعها قبل أن يبادر بقوله شمس أحنا قربنا علي سنة عارفين بعض بحكم شغلنا سوا..وفي سؤال جوايا نفسي اسئله ليكي من زمان..
ايه هو السؤال ده
طافت عيناه فوق ملامحها بدفء لبرهة أربكتها بشدة وعيناها تزوغ بعيدا عنه قبل أن يهمس
لأ..
لم تتمهل لحظة واحدة قبل أن تجيبه أصدرت حكما منصفا أثلج صدره فابتسمت عيناه وهو يرمقها بشكر وعاطفة لم يعد يواريها وهو يتمتم براحة لو تعرفي ردك العفوي ده فرق معايا ازاي
لأنك تهميني فوق ما تتصوري ياشمس.
صدمها رده المباشر وأخجلها وجعلها تصمت بحيرة فواصل طرق جدار صمتها الحائر شمس..يمكن دي أول مرة اكشفلك عن رغبتي اني اعرفك على جسار الحقيقي اللي محدش يعرفه تحبي تعرفيه لو موافقة يبقي اسمحيلي اقابلك بكره في مكان مناسب محتاج أقولك حاجات كتير عني.
تأملته بتيه مآخوذة بمنحني ما وصل إليه حديثه معها ودلالته الواضحة..عيناه تبرق وهو ينظر إليها.. بريق يعكس لها غموضا يستجديها لتحل طلاسمه وتتفهمه وتعطيه فرصة..كيف تحركت شفتيها لتعلن ردها بقبول لقاءه في الغد حقا لا تدري.. كأن تعويذة سحره المعهود سيطرت عليها وأجبرتها لتفعل.
استقام جسدها بثبات مستجمعة كل شجاعتها وتقدمت إليه وصوت أفكارها ينعتها بالكذب.
اللقاء وصاحبه ابدا ليس عاديا.
نهض وانفرجت من شفتيه ابتسامة حانية راصدا اقترابها المرتبك رغم محاولتها الثبات فابتسم داخله وتأثيره عليها يزيد من ثقته الرجولية ويشي بمعاني يطوق قلبه لتصديقها.. وإلى الآن لا
يدري كيف عرض عليها هذا اللقاء وقرر كشف ماضيه لها..ترى حين تعلم ستتغير معه سيقل قدره بعيناها
السلام عليكم.
ألقت تحيتها المقتضبة مقاطعة أفكاره فرد قائلا
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضلي.
تنحنحت قبل أن تهتف معلش اتأخرت عشان.
مش مهم. مهما اتأخرتي كنت
هستناكي ياشمس..
يا ويلها من كلماته التي تكاد تشق قشرة ثباتها بقوة مازالوا بالدقيقة الأولي وها هو يوجه أولى سهامه گ محارب مخضرم..هل حقا يمثل مجيئها تلك الأهميته لديه
تشربي ايه
قالها وهو يسحب لها مقعدا بفعل مهذب لتجلس عليه فقالت وهي تأخذ مكانها قبالته ليمون بالنعناع..
طلب ما قالت مع فنجان قهوة له وانتظر أن يأتيه ثم
هم ببدء حديث في تلك الأثناء قائلا عاملة ايه
الحمد لله..
أنا بشكرك انك جيتي تقابليني يا شمس ده معناه انك فعلا بقيتي تثقي فيا..
حاولت أن تتحدث بهدوء خافية توترها أنت شغال معانا من حوالي سنة يا جسار واكيد دي فترة كافية اني أشكل عنك فكرة منصفة عن الأولي.. مع استغرابي طبعا انك اتحولت من النقيض للنقيض.. أنا صحيح هاجمتك قبل كده بس لما جت فرصه عدت تقيمك تاني عشان مبقاش ظالماك لأني محبش بشكل عام اظلم أي حد..
ابتسم تلك الابتسامة الرجولية الجذابة والتزم الصمت وهو يتأملها لتعلوا وتيرة توترها ثانيا فينقذها حضور النادل واضعا مشروبهما فوق الطاولة..
أشار لها لتتناوله بينما ارتشف القليل من قهوته ثم أخذ نفسا عميق وزفره قائلا بصوت بدت نبرته عميقة كمن يطلق عنان مشاعر مكبوتة داخله
طول عمري كان جوايا حاجة تعباني ومسببالي شعور بالنقص وخلل وفراغ في حياتي هو السبب الرئيسي اني كنت بعمل علاقات كتير في الماضي.. كأني كنت بحاول ألهي عقلي عن التفكير والأسئلة اللي كل يوم بتزيد.. ليه بابا مش بيحبي ليه ملامحي مخصماه ومش طالعة شبهه ولا حتى شبه ماما أو أخويا وليه ماما عمرها ما أخدتني في حضنها وحكت ليا حكاية عشان انام على صوتها زي أي طفل مع أمه ليه مش بتدعيلي زي ما بتدعي لاخويا رائف.. ليه هي كمان بحسها مش بتحبني وليه دايما عايزين يكونوا بعيد عني ليه وليه وألف ليه كانت بتصرخ في عقلي كل يوم ومفيش إجابات لأسئلتي..الوحيد اللي حبني بجد هو جدي نادر اللي برضو مفيش بيني وبين ملامحه أي شبه دوامة حيرتي كانت بتبلعني كل يوم عن التاني وتخنقني.. حاولت أهرب بشكل تاني.. نجحت واجتهدت في شغلي وفعلا قدرت الاقي نفسي في حاجة اكتشفت اني بارع فيها..متعة غريبة ماتساويش كنوز الدنيا لما بسمع دعوة مظلوم رجعتله حقه..دعوات بتعوضني اللي اتمنيته من اقرب الناس ليا.. أو اللي افتكرتهم أقرب ما ليا.
بدأ حديثه يغزوا كل حواسها وانتباهها وهي تنصت له باهتمام شديد مستنتجة أشياء بين السطور تخاف مجرد توقعها فضلا عن تصديقها ليواصل جسار بوحه العميق واللا محدود لها
أخر مرة وانا بستقبل ماما وبابا في المطار ابتديت اتأكد من ظني وبابا بيمنع ماما تقرب مني وتسلم عليا حتي لو عمري ما شوفت منها حنينة. بس يكفي اني عارف انها أمي اللي مشتاق ليها لكن قصاد لهفتي ناحيتهم مالقيتش غير برود وجمود من بابا وماما حيرني في امرهم اكتر وقتها أخدت قرار اني لازم اعرف إجابات شافية لأسئلتي تريحني..بس ماكنتش اعرف إن الجواب اللي بدور عليه هيكون خناجر ترشق في قلبي وروحي باپشع طريقة وانا بسمع امي بتصرخ في جدي وتقوله
مش هسمح واحد لقيناه في الشارع يقاسم ابني في الميراث.
هنا أنهمرت من مقلتي شمس دمعة هاربة من حدود عيناها عندما وصل بسرده لتلك النقطة المفجعة كما توقعتها تماما..مسكين.. كيف تحمل صدمة گ هذه لا ريب انه هاج وحطم كل ما طالته يداه لكنه لم يفعل.. هذا ما عاد يقصه لها جسار وهو يخبرها عن هدوء انسحابه من بينهم ومن حياتهم ذاتها زاهدا بالترف والبذخ الذي كان يحيا ويتنعم به..
ولم ينسى ذكر خيبة أمله بفقد أثر والديه بعد أن حاول شرطي قريب لصديق رائف التقصي عن الحاډث ولم يثمر البحث سوي أن أصوله مصرية ولا شيء أخر..كما أخبرها كيف أتي العم أمين ذاك اليوم وعرض عليه العمل معه بأكثر أوقاته حاجة لبداية ومعنى جديد لحياته.
ختم حديثه معها بتلك الكلمات وهو يراها تكفكف دموعها الغزيرة بمحرمة ورقية هامسا لها
هو ده جسار يا شمس.. الشاب اللي اكتشف انه ولا حاجة.. ميعرفش لأهله طريق.. ولا حتي أسم أبوه وعيلته ايه عنده اخوات أعمام خالات ميعرفش أي حاجة..الشخص اللي قدامك ده حياته صفحة مش مسطورة فيها غير دموع وحزن وۏجع لأنه مايعرفش جذوره نبتت في أي أرض..وده أسوأ شعور ممكن حد يعيشه يا شمس.
انتبه أخيرا أن شهقاتها بدأت تعلو باڼهيار فصاح بفزع كأنه كان في غفوة لم يفق منها سوي الآن شمس انتي پتبكي قالها وهو يلتقط
عدة محارم ورقية ويقدمها لها برجاء عشان خاطري كفاية عياط وأسف اني بكيتك بالشكل ده مش قصدي والله أنابيب كنت محتاج اشارك مشاعري وكل أسراري.
حاولت السيطرة علي نحيبها وهدأت قليلا قائلة بصوت مبحوح عارفة انك مش قاصد ياجسار.. بس مقدرتش اتحمل المأساة اللي عشتها..حقيقي تجربة
صعبة اوي على اي حد.
تنهد بصبر ورضا علمته له الأيام الحمد لله علي كل حال يا شمس.. ربنا كتبلي الحياة رغم اني كانت كل مقومات مۏتي مع والدتي أكيدة..لكن بعتلي اللي يسمع صړختي وينقذني من المۏت.. وده له حكمة يمكن تبان بعدين..
فعلا كل حاجة بتحصلنا ليها حكمة وسبب.. المهم انك ترضي بحياتك ياجسار.. انت كنت ممكن تبقى شخص ضايع أكتر من كده لو محدش علمك ورباك كويس.. لكن بالعكس جدك صانك وحبك ولسه بيحبك زي مابتقول وبقيت شخص ناجح وليك قيمة ومستقبل يشرف.. أرمي اللي عرفته وري ضهرك وكمل مسيرتك وربنا يعوضك بالخير..
حدجها بنظرة دافئة وهو يهمس أمال أنا ليه طلبت أقابلك ياشمس.. ماهو عشان كده..
كده اللي هو ايه مش فاهمة
العوض يا شمس عوض ربنا ليا اني اعمل العيلة الدافية والعزوة اللي اتحرمت منها.. أني ازرع نبتة حب تكبر وتضلل عليا وتشبعني بضلها بعد الجفا اللي عشته طول عمري عرفتي ليه فتحتلك قلبي
صمتت مآخوذة تنظر له بتيه ليكمل بعثرتها بكلمات فتت جدار ثباتها أرضا
تتجوزيني ياشمس
تقبلي تشاركيني حياتي زي ما شاركتيني في قلبي
جخظت
عيناها لا تصدق ما سمعته.!
تتزوج هي وجسار كيف
ليبرز بغتة صوت بين أفكارها
صوت لخاطر تخافه
سارة!
ماذا لو ابنة العم مازالت تحبه!
رواية صړخة على الطريق
بقلم ډفنا عمر
الفصل التاسع
لا تحاول البحث عن حلم خذلك
واغزل من حالة الانكسار عناقيد حلم جديد وحياة أجمل
و مهما حل الظلام بعالمك واستحكمت حلقاته
لا بد أن يبزغ من نافذة الكون شعاع مشرق.
كفيل بتبديد ظلمات روحك لطاقات مفعمة بالنور.
رجل بفراسته وذكاءه لن يغيب عنه مسار أفكارها هو يعلم ما يجول بعقلها الآن ويفهم ويقدر دوافعها وقلقها الذي غبر ملامحها الجميلة فتمتم جسار بهدوء
سارة زي اختي يا شمس..
تعجبت منه فكأنه قرأ خاطرها وسمع لصوت ضميرها ليواصل باستطراده واظن ده بقي واضح ليكي الفترة اللي فاتت سارة سعادتها الوحيدة مع آدم والحمد لله انها فهمت ده
متابعة القراءة