رواية كاملة بقلم روز أمين
المحتويات
حين وجدت أشقائها الثلاث يقفون حوله يبدوا من تطلعهم على السيارات أنهم بانتظارهاتوقف السائق ليتوجه رجال الحراسة بفتح باب السيارة إلى فؤاد بعدما انتشر الرجال ليحاوطوا السيارة
ترجل فؤاد ليقف منتصب الظهر مرتديا نظارته الشمسية حيث ذادته وقارا ووسامةأغلق زر حلته لتكتمل شياكته ثم استدار للباب الأخر ليفتحه ويبسط كف يده إلى زوجته الحبيبة لتضع خاصتها وتسلمه زمام أمرهاساعدها على الخروج لتقف بهيأتها الخاطفة للأنفاس وطلتها التي تشبه الأميرات تحت نظرات كل من بالمكانفقد كان المكان مكتظا بالزائرين لقبور أحبائهم حيث اليوم هو يوم الجمعة عطلة لدى الجميع فقد جرت العادة في تلك القرى بزيارة الأهالي قبور أقاربهم ليقومون بتلاوة ما تيسر من القرأن الكريم وتوزيع الأطعمة مثل المخبوزات والفاكهة والتمور وأيضا الأموال رحمة على أرواح من افتقدوهم
نورتي بلدك يا حبيبتي
حمدالله على السلامة يا باشانورتوا البلد
أجابه فؤاد بنبرة جادة يرجع أسبابها لعدم تقبله لهم جميعا بعد الأڈى النفسي الذين تسببوا لحبيبته به بتصرفاتهم الخالية من الإنسانية
متشكر يا أستاذ وجدي
تعجب وجدي من نطقه لاسمه فمن أين علم به وهو لم يراه سوى بذاك اليوم المشؤوم الذي ندم عليه أشد الندم وتمنى لو عاد به الزمن من جديد ما كان اتخذ ذاك الموقف المهين لشخصه قبل شقيقته ولكان احتواها وطمئن رعبها بعد فقدانها للعزيز أبيهمالجميع يتعجب اليوم بمعرفة فؤاد بتفاصيل كثيرة لكنهم غفلوا عن وظيفته التي بحكمها تعلم أن يجمع كل المعلومات عن خصمه
اقترب وجدي من شقيقته ليتطلع بعيناها وبلحظة انفطر قلبه حين وجدها تنظر إليه بنظرات مختلطة بالألم مع العتاب والملامةانتابه شعورا بالخزي والألم والحزن العميق خرجت منه كلمة واحدة بتلقائية دون أدنى ترتيب لها
حقك علياسامحيني يا اختي
حبيبي إنت كويسة
خرجت من بين أحضان شقيقها لتجفف دموعها وهي تقول بنظرات زائغة متهربة وكأنها تخشى أن يراها أحدا بذاك الضعففتحت حقيبة يدها سريعا لتعبث بها وتخرج نظارتها الشمسية ذات الماركة العالمية ك كل أشيائهاعلى عجالة إرتدتها ورفعت رأسها للأعلى لتجد ذاك ال عزيز وهو يقترب منها بخطوات مترددةتعمقت بعينيه لتجد نظراته ولأول مرة خجلةابتلع لعابه وتحدث بحنين ظهر بصوته ونظراته وهو يبسط يده للمصافحة
يا اللهألديه قلبا كباقي البشر كي يحن ويشتاق!
من أين لك ذاك الحنين يا ابن أبيألم تكن أنت سببا في جل معاناتي وشقائيكل کاړثة حلت بي كنت أنت سببا رئيسيا بهامن بداية إرغامي لعودتي لمن غدر بي وخان الوعد وخالف العهد وأتي بعشيقته إلى فراش الزوجية بكل جبروتألست أنت من أجبرتني على ترك تراب بلادي
وجعلتني أفر إلى المدينة هاربة من ضيق الحال حاملة على عنقي صغيري الذي لم يكمل عامة الثالث بعد بعدما أمرت الجميع ووضعت خطة بتضييق الحال على لدرجة أني لم أعد أملك ثمن الحصول على إطعام صغيري بالإتفاق مع ذاك الجبروت نصر وزوجته الشمطاء لإجباري على الرجوع ذليلة لذاك الحقېر الخائڼ!
فاقت لتنفض تلك المشاعر السلبية التي لازمتها أينما ذهبت ولكنها الأن هاجمتها بضراوة لرؤيتها لوشوش من ظلموها وكبلوها بقيود من حديد ظلت تقيدها وتشل حركتها وكلما حاولت الصړاخ والتملص والهروب لبدأ حياة جديدة جذبوها من تلك السلاسل الحديدية وأعادوها لمكانها من جديدكانت تشعر وكأنها مکبلة بطوق من حديد يلتف حول عنقها يكاد يزهق بروحهاحتى التقت بفارسها الذي تغير قدرها بالكامل على يده
نظرت وهي ترفع رأسها بشموخ لتنطق بصوت حاربت ليخرج قوي شامخ
كويسة جدا الحمدلله
حمدالله على السلامة
الله يسلمك قالتها وهي تنظر إليه بقوة وجمود وثباتثم التفتت إلى لحد والدها وعلى الفور هزة عڼيفة رجت قلبها فنزلت دموعها كشلالاتمالت برأسها تتطلع على ذاك اللحد لتجتاحها حالة من القهر كلما تخيلت جثمان والدها يسكن داخل ذاك القپر الضيقتذكرت نظراته الحنون وهو يبتسم لهاتذكرت نبرات صوته وهو يحدثها بكل لينما أروعه من أب طالما رأته بعينيها أعظم الأباء وأشرفهملم تدينه يوما ولم تحمله نتيجة ما أوت إليه بسبب ضعفهطالما وجدت له مبررات كثيرة ولم تحمله يوما ذنبهاكادت أن تجثو على ركبتيها كي تريح ساقيها فأمسكها فؤاد بذراعه ثم أشار لأحد الرجال بصباعي الإبهام والوسطى مما أحدث صوت فرقعة بسيطة ليلبى الرجل طلبه الذي فهمه بفطانته دون أن يفصح فؤاد عنه وبسرعة البرق كان يخرج مقعدا من شنطة السيارة ليفرده سريعا ويضعه أمام اللحدليساعد فؤاد زوجته بالجلوس مما جعل جميع من بالمكان ينظر بإعجاب لذاك الخلوق الذي يهتم بأبسط الأشياء التي تخص زوجته وهذا يعني مدى عشقه الهائل لها
عادت ببصرها للحد أبيها لتتحدث بهمس لداخلها
كيف حالك أبي وكيف أصبحتليتني أستطيع معرفة أخبارك ليطمئن قلبي عليكأتمنى على الله أن تكون بخير وبحال أفضل مما كنت عليه بالدنياأعلم أنك كنت تراعي الله وتضعه ڼصب عينك بجميع اعمالك وقراراتك وبرغم هذا أطلب لك الغفران والرحمة من الله
نزلت دموعها الحارة لتشهق وهي تحدث حالها
لقد كنت طيب القلب طاهر اللسان يا أبيفوالله ما رأيتك يوما تزم فلانا أو تغتاب علانالقد كنت رائعا يا عزيز عينيبل كنت الاروع من بين كل البشرهكذا كانت تراك عيناي
شهقت بقوة تحت سمع الجميع لتكمل بابتسامة خفيفة
جئتك اليوم لأطلعك على حاليلكني في البداية وقبل كل شئ أريد الإعتذار منك وألتمس الغفران لتقصيري في حق زيارتك
مالت برأسها تلتمس العذر منه وكأنه أمامها ويراها وهي تقول
لكنك تحفظني عن ظهر قلب وتعلم أن الأمر لو كان بيدي لكنت زرتك يوميا وتسامرت معك واخبرتك عن حالي وكم اشتياقي لكفعذرا حبيبي على تقصيري الغير متعمد
أستنشقت جرعة كبيرة من الهواء حبستها بداخل رئتيها ثم زفرتها دفعة واحدة قبل أن تكمل حديث نفسها مع الحبيب
أريد أن أطمئنك على حاليلقد وجدته يا أبيعثرت على فارس أحلامي ورجلي الهمام ذاك الذي طالما حلمت بظهوره لينتشلني من وحل أل البنهاوي الذي كلما حاربت وجاهدت كي أخرج
حبيبي وصديقي وأخي وكثيرا من الأحيان يشعرني بأني طفلته وبأنه أبي
ابتسامة جانبية اختلطت بدموعها لتكمل حديثها
لا تحزن عزيزي فمازلت احتفظ بمكانتك المرتفعة بقلبي ولم ولن يجرؤ أحدا بزحزحتها إنشا واحدالكنه حقا يشعرني بحنانك الذي افتقدته بعد رحيلك ضمة يده المربطة فوق ظهري بحنان
تطلعت على ذاك الواقف بجوارها وهمست ل أبيها
أنظر إليه وتطلع يا عزيزيكم هو رجلا ذو طلة بهية وهيأة شامخة
وددت أيضا أن أطمئنك على يوسف لقد تبدل حاله للأفضل ألاف المرات لقد من الله عليه بعائلة حنون عوضا عن عائلته التي افتقدهاأصبح رجلا صغيرا بفضل الله ثم توجيهات ذاك الخلوق المسمى ب علامفقد قام بتكريس جزءا ليس بالقليل من وقته الثمين لتعليم صغيري أشياءا جديدة عليه وزرع بعض القيم والاساسيات التي ستجعل منه رجلا حكيما ذو أخلاق عالية
ثم شهقت لتحدثه وهي تتحسس بطنها
كدت أنسى يا عزيزيلقد من الله عليا وحملت بتوأم صبي وفتاةلو مد الله في عمري سأتي بهما بعد الولادة لأعرفك عليهما
تنهدت ثم قالت والألم ېمزق داخلها
لقد اشتقت رؤياك البهيةابتسامتكنظرة عيناك التي تحمل بين طياتها حنان الدنيا بأكملهليتك تعود ولو ليوما واحدا لارتمي بداخل أحضانك وأحتفظ برائحتك الذكية بين رأتاي ولترحل من جديد
رأت رجلا يحمل بين يداه كتاب الله المصحف الشريفيتنقل به بين اللحود ويقوم بقراءة ما تيسر من القرآن الكريمبصوته العذب مقابل بعض المال فأشارت إليه وما أن اقترب الرجل حتى وجد تلك الدروع البشرية تقف بوجهه ويشهرون أسلحتهم مما دب الړعب بقلب الرجل وقلب الجميع لتنطق إيثار لزوجها
خليهم يسمحوا له ييجي يا حبيبيده قارئ وصوته حلو جدا
هز برأسه ليشير لهم بكفه مع صوته الاجش
سيبوه
كلمته كانت كفيلة ليفسحوا له الطريق واقترب الرجل من القپر ليجثو على ركبتيه وبدأ بتلاوة سورة الواقعة بصوت أدخل السرور على قلب فؤاد وجميع الحضور من حلاوتهأخرجت هي الأخرى المصحف الشريف من حقيبتها الخاصة وفتحته وبدأت بتلاوة سورة يسلما لها من فضل كبير على المټوفيقرأ أيضا فؤاد وأشقائها ما تيسر من السور الصغيرةانتهت من قرائتها للسورة وانتهى الرجل لتخرج مبلغا من المال وأعتطه للرجل وشكرته ليشير فؤاد إلى رجلين من الحراسة ليخرجا عدة صناديق محملة بأكياس بلاستيكية من حقيبة أحد السيارات ويوزعا منها على الحضور والمحتاجين كانت عبارة عن بعض الخبز الكرواسون وبعض التمور وأنواع الفاكهةتجمع الأطفال بفرحة لأخذ حصتهم تحت سعادتها على تلك الوجبات التي اصرت على شرائها من أموالها الخاصة التي جمعتها من عملها في شركة أيمن ورفضت دفع فؤاد لثمنها
إقتربت إحدى السيدات لتحدثها ولكن من خلف هؤلاء الرجال حيث يشكلون درعا بشريا يمنع مرور حتى الناموسة
إزيك يا إيثارعاملة إيه يا بنتي
تطلعت على تلك المرأة وعلى الفور تذكرتهالتنطق بنبرة هادئة نظرا لتأثر حالتها من زيارة قبر والدها للمرة الاولى منذ ۏفاته
الله يسلمك يا خالتيالحمدلله أنا بخير
نطقت المرأة بتأثر لقصة تلك الجميلة حيث تغنت القرية سنوات بقصتها الحزينة وتجبر عائلة نصر عليها
ربنا نصفك وخد لك حقك من اللي ظلموك يا بنتي وزي ما خانوك إتخانوا وزي ما شردوك بره البلد ربنا وقف لهم اللي اقوى منهم علشان يشردهم سبحان الله يا بنتي كل اللي اتعمل فيك وفي غيرك منهم اترد عليهم بالسوء
ليرد عليها رجلا كان يتابع الحديث
إن ربك لبالمرصاد
لتتحدث أخرى وكأن الجميع استغلوا تلك الفرصة ليعبروا عن شماتتهم بما حدث لتلك العائلة التي تجبرت في
الأرض واستقوى جميع أفرادها على الضعفاء فأراد الله ان يجعل منهم عبرة
متابعة القراءة