رواية كاملة بقلم روز أمين
المحتويات
تشعر بالإختناق والحزن يملؤ قلبهاحزنا عميق وكأن شيئا ثقيلا يضغط على صدرها يكاد يزهق بروحهالا تدري مصدر ذلك الشعور كل ما تشعر به هو الحزن الذي يخيم على حياتها منذ الصباحباتت تدور بعينيها تتطلع على ما حولها لتلاحظ وجوده داخل الحديقةيبدو عليه هو الأخر الحزن والضيقتنفست بعمق فمنذ أن عاد من عمله عصرا وهي تتغاضى وجوده وتتلاشاهحاول مرارا أن يتحدث معها ويتفاهما لكنها رفضت بتعنت فابتعد كي لا يضغط عليها ويغضبها أكثر
شرشبيل
إلتفت لينظر إليه وبدون وعي منه اتسعت ابتسامته وهو يرى ذاك الصبي يناديه بلقبه التي أطلقته عليه فرسته الجامحةعلى الفور تذكر تلك الأيام الجملية مما خفف من ألم قلبهحمل الصغير وثبته داخل أحضانه وهو يقول
نطق الصغير وهو يملس على وجنته بأنامله الرقيقة
أنا مش شفتك من ساعة ما جيت من المدرسة
اجابه بملاطفة
ده علشان جنابك طافش من البيت وسارح ورا بيسان هانم طول اليوم
ضحك الصغير وتحدث
أنا أكلت عندهم بيتزا وذاكرنا مع بعض ولعبنا كتير
ابتسم بلطف واقبل على وجنته ليضع قبلة حنون بث من خلالها حبه وأسفه الشديد للصغيرنطق بنبرة خرجت مټألمة
سأله ببراءة
أسف على إيه يا عمو!
ولا حاجة يا يوسف أسف وخلاص قالها بتأثر شعر به والده ليأخذ الصغير من بين أحضانه ليحثه على الركض وهو يقول
يلا يا بطل إسبقني على حوض الورد على ما اتكلم شوية مع عمو فؤاد وأحصلك
ركض الصغير بسعادة لتتنهد تلك التي كانت تشاهد صغيرها وهو بين أحضان حبيبها المستبدولجت لداخل غرفتها لتجد تلك العاملة وداد وهي تتحدث برسمية
أومأت لها لتتحرك إليه بعدما شكرت العاملةنزعت ثيابها بالكامل لتنزل بقدميها فى المغطس لتغمر جسدها بالكامل تحت المياة الدافئة المختلطة بالزيوت العطرية التي تساعد على الإسترخاءأغمضت عينيها علها تحصل على بعض الراحة ويزيل ذاك الثقل الذي يطبق على أنفاسها
عودة إلى فؤاد وعلام الذي سأله باهتمام
أخذ نفسا عميقا ليزفره براحة قبل أن ينطق بنبرة متأثرة
النهاردة ميعاد عملية سوهاج
هز علام رأسه وهو يقول
أيوا ما أنا عارفسيادة النائب العام بلغني بالميعاد
صمت فؤاد ليسأله والده باستغراب
إنت إيه اللي مزعلك أنا مش فاهم!
تطلع على الصغير الذي يلهو ويحفر بالطين حول الزهور كما تعلم من علام لينطق بعينين متألمتين
واسترسل متعجبا حاله
تخيل إني فكرت في إني أحذر اللي إسمه عمرو بأي طريقةمش قادر أتخيل إني أكون السبب في كسرة الولد طول حياته
نطق علام بجدية
بلاش تخلي إحساس الذنب يسيطر عليك ويشوش أفكاركالسبب في كل اللي بيحصل ل يوسف هو أبوه وعيلته اللي لا راعوا ربنا في تصرفاتهم ولا عملوا حساب لسمعتهم ومستقبل أولادهم فطبيعي إن دي تكون النتيجة
نطق پتألم
أيوا بس ده أخو ولادي يا بابا
ضيق علام بين عينيه ليسأله بعدما تشوش فكره
إنت خاېف على ولادك من مستقبل يوسف يا فؤاد
بقوة وثبات رد نافيا
طبعا لا يا باشامستقبل يوسف هيكون
هايل إن شاءاللهأنا مش هسيبه غير لما
يبقى شاب ناجح في دراسته وحياتهوهساعده يأسس شغل لنفسه كمانعمري ما هفرق في المعاملة بينه وبين أولادي
واسترسل موضحا
أنا بتكلم على يوسف نفسه شعوره لما يكبر ويعرف حقيقة أهله جده اللي اټقتل في السچن بعد ما ارتكب چريمة قتلوأبوه وعمه اللي اتسجنوا في قضية تهريب أثار
ظهرت علامات الأسى والألم فوق ملامحه لينطق بصوت متأثر
إزاي الولد هيتحمل كل الفضايح دي يا باشا
تحدث علام بنبرة قوية تعود لحبه الشديد للصغير وتضامنه معه
إحنا هنكون معاه وهنساعده يتخطى الموضوع يا فؤادوبعدين إحنا فين والكلام اللي بتقوله ده فين
نطق بخزي وألم
تفتكر ممكن يسامحني لو عرف إني كنت السبب في ټدمير عيلته
قاطعه علام باعتراض
بس إنت مدمرتش عيلته يا سيادة المستشارإنت قمت بواجبك تجاه بلدك ك رجل قانون بيتقي الله في عمله
تنهد بحزن ليحتوي علام كتفه ويربت عليه قبل أن يقول
هون على نفسك يا حبيبيوإطلع صالح مراتك وراضيها
واسترسل بأسى
معجبنيش شكلكم إنتم الاتنين على الغدامتعودتش أشوفكم كده
هز رأسه عدة مرات متتالية ليتحرك إلى الداخل وكاد أن يصعد الدرج ليجد بوجهه عزة لينطق بهدوء
خلي بالك من يوسف يا عزة ومتخلهوش يتأخر على ميعاد نومه
هتفت بنبرة حماسية
يوسف ده في عنيا من جوه
واسترسلت وهي تسأله بتعجب لهيأته
إنت كويس يا باشا!
هز رأسه دون حديث واكمل طريقه بالصعود تحت استغراب عزة لحالته تلكولج لجنحه ليجدها تجلس بمقعدها أمام المرآة ترتدي مئزر الحمام وتكشف عن ساقيها لتضع عليهما بعض كريمات الترطيب وتقوم بتدليكها على الجلدإقترب عليها ليستند بكفيه على كتفيها ومال ليضع قبلة على وجنتها لكنها باغتته بابتعادها بحركة عصبية ليزفر بقوة وينتصب بظهره من جديد وهو ينطق بنبرة أظهرت كم تأثره من ابتعادها عنه
إحنا هنفضل كده كتير
لم يجد منها سوى الصمت ومتابعة ما تفعل متجاهلة وجوده تماما لينطق بنبرة حادة بعض الشئ
مهي دي مش عيشة يا إيثار مش كل ما هنختلف مع بعض هتتقمصي زي العيال الصغيرة
تطلعت إليه ونطقت بسخرية وتهكم
وسيادتك بقى عاوزني اتصرف إزاي لما أزعل منكأقدم لمعاليك فروض الطاعة والولاء!
وانتفضت واقفة لتواجهه وهي تتابع بسخرية
ولا ألبس لك أشيك لانچري عندي وأكتر لون بتحبه وأقدم لك نفسي زي الجواري علشان الباشا يتكيف وينبسط
إشمئز من حديثها ليصيح بها بحدة
إيه القرف اللي بتقوليه دههي دي طبيعة حياتنا يا إيثار!
هو ده اللي بينا من وجهة نظركلانچري ونوم مع بعض ووقت أتكيف فيه!
نطقت بحدة أظهرت كم الاستياء الذي أصابها
وإنت بقى شايفها إزاي يا سيادة المستشارقولي على حاجة واحدة بس مشتركة بينا غير الموضوع ده
أشار لها بحدة وعينين تطلقان سهاما ڼارية لينطق بقوة أرعبتها
مش هحاسبك على كلامك الفارغ ده الوقت لأنك مش في وعيك وباين قوي إن أعصابك تعبانة
واسترسل متوعدا
بس وحياة أمي يا إيثار ماهفوت لك كلامك ده ولا هنساه
همست بصوت خاڤت
أعلى ما في خيلك إركبه
هتف بحدة جعلت جسدها ينتفض
علي صوتك وسمعيني بتقولي إيه يا مدام
صاحت باستياء
بكلم نفسي ولا ممنوع ده كمان!
أجابها بقوة ولهجة حادة أظهرت ديكتاتوريته التي يمارسها بين الحين والأخر
أه ممنوع عاوزة تكلمي نفسك يبقى في سرك يا هانم
وضعت كفيها تتوسط بهما خصرها قبل أن تنطق متهكمة
وبالنسبة للكحة والعطس جنابك مسموح بيهم ولا أعملهم فيبريشن
كظم ضحكاته على هيأتها وكلماتها الساخرة ليستدير مواليها ظهره كي لا ترى ابتسامته وهو يقول
يكون أفضل
اتجه إلى الحمام ليأخذ حماما دافئا على عجالة وخرج مرتديا بنطالا قطني باللون الأسود وصدره كما عادتهوجدها تجلس فوق الأريكة تربع
ساقيها وتضع فوقهما وسادة صغيرة موضوع عليها جهاز اللاب توب
الخاص بها تتصفح من خلاله أحد تطبيقات التواصل
الإجتماعي كي تمرر وقتها العصيب زفر بقوة وجذب حقيبة عمله ليجلس فوق الفراش ويخرج بعض أوراقه الخاصة ليعمل ولأول مرة من داخل غرفة النوم كي لا يتركها وحيدة فريسة للحزن ينهشها
بمدينة سوهاج
استطاع العمال إخراج جميع القطع الأثرية وتسلمها رجال المهرب الأجنبي ليسلم الوسيط حقيبة المال إلى طلعت كما اتفق معه سابقا بعدما استطاع إثبات حاله وجدارته في إدارة العاملون مما نال من استحسان الخواجة والوسيط واتفق طلعت معهما بأخذ المال واقناع شقيقه وفي الحقيقة هو كاذب وقام بخداع الطرفين وسيأخذ المال لنفسه ويبدأ به من جديد ولن يعود لمنزل عمرو مجدداتحدث الرجل بنبرة سعيدة
إستنى مني تليفون قريب علشان نتفق على العملية الجديدة
أكيد يا باشا أنا ورجالتي تحت أمرك قالها للرجل الذي تحرك إلى سيارته ليفتح طلعت حقيبة السفر الكبيرة المليئة برزم الأوراق المالية التي تحمل عملة الدولار ليقترب عليه رأفت ويسأله بنظرات زائغة
إنت اتفقت معاهم على فلوس إمتى يا طلعت!
ده عمرو متفق معاهم على حاجة تانية خالص قالها باستغراب وهو يرى الرجال التابعين للمهرب يرحلون بسياراتهم رباعية الدفع بعدما حملوا بضاعتهملينطق طلعت بحدة
قصدك المصېبة اللي كان عاوز يوقع نفسه فيها تاني ويوقعنا معاه
وهتف بحدة لذاك الذي ابتلع لعابه
اللي أنا مستغرب له إنت يا رأفتإزاي توافقه على الجنان ده وإنت أكتر واحد إتأذى معاه المرة اللي فاتت ده انت اتحبست شهرين دوقت فيهم الذل على إدين رجالة المستشار
سأله رأفت بتلبك
إنت عرفت منين
أجابه
روحت للوسيط وسألته وعرفت منه كل حاجةواتفقت معاه ينسى الجنان ده كله وأخدت الفلوس وهديها لعمرومش ده أحسن لصاحبك بردوا ولا إيه يا سي رأفت!
ارتبك رأفت وتحدث بنبرة صادقة
أنا حاولت كتير أمنعه وأعقله بس إنت عارف أخوك لما بيحط حاجة في دماغه مفيش مخلوق يقدر يخليه يغير رأيه
هز رأسه بإيماء ليخرج بعض الرزم المالية ويوزعها على الرجال كما اتفق معهم قبل سابقنظر للمال بشراهة قبل أن يغلق الحقيبة
وهو يقول بعدما ابتعد عنه رأفت
أيامك الحلوة هترجع تزهزه تاني يا طلعت وأول حاجة هعملها من الفلوس دي أتجوز بت صغيرة تخلف لي الولد اللي هيورثني ويمد في إسمي
بالكاد أنهى جملته ليستمع الجميع لصوت سرينة سيارات الشرطة ورجالها التي هجمت على المكان وحاوطته من جميع النواحي بعدما تأكدوا من ابتعاد رجال المهرب كي يكملوا طريقهم وتتابعهم رجال الشرطة المتخفيين وعبر كاميرات المراقبة المزروعة بالطرق إنتفض قلب طلعت حين وجد كم الرجال الهائل الذين كانوا يتخفون خلف الجبال ينتظرون إشارة الھجوموضع طلعت يده في جيب جلبابه استمع لصوت الشرطي عبر المكبر الذي امتزج مع صوت طلقات الڼار
مفيش داعي للمقاومةالمكان كله محاصرأي حركة هنضرب في المليان
رفع كفيه للأعلى هو وجميع الرجال لېصرخ وهو يقول متنصلا
أنا برئ يا باشا ومليش ذنبده شغل عمرو أخويا حتى إسأل الرجالة وصاحبهأنا كنت جاي أمنعهم من الجنان ده بس ملحقتش
نطق الضابط وهو يرى رجال الشرطة يلوون ذراعيه خلف ظهره ويضعون له الأصفاد الحديدية
الكلام ده تقوله في تحقيقات النيابة يا روح أمك
واسترسل
ولعلمك كل حاجة حصلت هنا متصورة صوت وصورة
نطق كلماته الأخيرة وهو يشير عاليا على أعمدة الإنارة المزروع بها كاميرات مراقبة بأمر من النيابة العامة لېصرخ طلعت كالمچنون
الله يخربيتك يا عمرومنك لله ضيعتني
تابعت الشرطة رجال الخواجة حتى وصلوا جميعهم إلى مقر الرجل وشركائه وتم القبض عليهم جميعا متلبسين بجرمهم
أما بمنزل عمرو المتواجد بأحد الأماكن الجديدة كان عائدا من أحد مراكز
التسويق الكبرى بعدما ابتاع بعض الملابس التي سيحتاجها له وإيثار
ويوسف في خلال رحلتهم إلى فرنسا كما وعده الرجلتفاجأ بسيارتي شرطة تقف أمام منزله ليعود للخلف سريعا في محاولة منه للهرب مما جعل رجال الشرطة يلاحظون وبسرعة البرق انطلقت السيارتين خلف سيارته لملاحقته
ترى هل سيستطيع رجال الشرطة التمكن منه والقبض عليه
أم سيستطيع الفرار
إنتهى البارت
أنا لها شمس
بقلمي روز أمين
بسم الله لا قوة إلا بالله
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
الجزء الاول من
الفصل الخامس والأربعون
أنا
متابعة القراءة