رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر

موقع أيام نيوز


القرب وابتسامة الخبث التي ارتسمت على ملامحه لتغزو السخونة وجنتيها والخجل الفطري جعلها تتراجع على الفور تمتمتم بسخط وارتباك ملحوظ
ما جولنا عسلي ولا انت جاصد تلاعبني وبس
يتبع
الفصل الرابع والعشرون
بفضول القطة الذي قد يؤدي فعلها في البحث خلف المجهول لهلاكها تحركت تتبع خالتها جميلة كما تلقبها دائما تحمل عنها قفص الطيور من أجل مساعدتها ومن جهة أخرى كي تستطلع اخر الأخبار عن اميرها الوسيم وهذا السؤال الملح بداخلها والذي لم تكف عن توجهيهه للمرأة حتى وهي تقطع الطريق معها الان نحو وجهتهما

يعني معجولة يا خالة جميلة لحد دلوك العروسة مردتش عليكم كيف يعني دي المدة طالت جوي 
قلبت جميلة عينيها تزفر داخلها بسأم وملل فهذه المتطفلة تجبرها على تأليف القصص وهي ليست جيدة في الكذب من الأساس لذلك فضلت الصمت فهي الان ليست بحالة تسمح لها بهذا الهراء أو المماطلة لشيء قد حسم من الأساس ولم تعد به فائدة الكتمان 
يا خالة جميلة انتي ليه ما بترديش عليا ولا انتي مسمعتيش سؤالي من الأساس دا انا كنت بسألك على موضوع خطوبة المحروس اخوك 
خلاص يا هدير 
هتفت بها تقاطعها بضجر حقيقي داخلها ولكنها تمالكت كي تجيبها ببعض الزوق
بصي يا بتي انسي الموضوع دا حن عليكي وما تفكرنيش بيه تاني اعتبريني مجبتش سيرة خالص بيه 
ليه يا خالة هو محصلش نصيب 
صدرت منها بلهفة أثارت الاستفراز بداخل الأخرى لتتمتم بضيق ردا عليها
لا محصلش وفوضيها بجى خلينا نكمل طريجنا 
قالتها لتسرع بالخطوات امامها تأمرها بخشونة
ياللا بجى همي برجليك دي ورايا 
لم تطاوعها اقدامها على التحرك سريعا خلفها ف لحظة الاستيعاب وهذا الابتهاج الذي كان يسري بداخلها اجبرها على التوقف لتغزو ابتسامة بلهاء ملامحها غير عابئة بۏجع رقبتها بحمل القفص التقيل ولا بتوقفها في وسط الطريق لتجذب الانظار نحوها بتساؤل 
حتى انتبهت جميلة لتلتف اليها تصيح عليها بسخط
اجولك سرعي تجفي خالص يا هدير يا بتي هو انتي بتفهمي الكلام عكس ولا ايه بس
بعد قليل 
وصلت برفقتها لداخل المنزل والذي لم تتوقف عينيها بالبحث و التجول داخله بشكل ڤضح تفكيرها امام المرأة والتي ندمت بالفعل على زلة لسانها معها كما ندمت على قبول مساعدتها من الأساس لتتناول منها القفص تضعه على الأرض تردف لها بكلمات الامتنان قبل ان تأمرها بلين
ربنا يبارك فيكي يا بتي ويريح جنبك زي ما مريحاني وشايلة عني دايما 
تعبك راحة يا خالة جميلة دا انا اساعدك بعيوني التنين 
تسلم عيونك خلاص روحي انتي عشان امك ما تجلجش عليكي 
وقبل ان تبحث لها عن حجة للتلكأ في الذهاب جاءها العون من ناحية أخرى من الوالدة نفسها والدة جميلة وعمر وقد كانت جالسة مع احفادها يتسامرون في هذا الوقت فاعترضت بخروجها الان فور مجيئها
وامها هتجلج عليها هنا في بيتنا كمان خبر ايه يا جميلة هي البت لحجت تاخد نفسها حتى من الشيلة التجيلة تعالي يا بتي اشربي الشاي وهرجي معانا شوية 
تلقفت منها الدعوة بترحيب شديد لتردف بلهفة ترافق سرعتها نحوهم
لا طبعا دا هنا زي بيت جدي بالظبط يبجى امي هتجلج كيف
نظرت جميلة في اثرها وقد اتخذت مقعدها وسط الفتيات من بنات شقيقاتها لتندمج معهم في الحديث وكأنها واحدة منهن 
زفرت بيأس تتركها وتتحرك باحثة عن شقيقها والذي وجدته بعدها في الباحة الخلفية للمنزل اسفل الشجرة العتيقة جالسا بوضع الاسترخاء على احد المقاعد ممدا قدميه على الآخر وشرود حاله خير دليل على ما يكتنفه من الداخل 
عمر 
التف على النداء ليتحمحم بصوت خشن يجيبها
اهلا يا
جميلة تعالي 
تقدمت لتجلس على أحد الصناديق لتكن بالقرب منه وظلت تتمعنه للحظات بصمت مترددة في فتح الحديث معه حتى
مل هو ليبادرها القول
طلعي اللي في بطنك يا جميلة عارفك ھتموتي لو متكلمتيش 
تلقت الدعوة لتنطلق على الفور تبوح بما يدور داخلها
والله انت اكد حاسس باللي داير جوايا انا خاېفة عليك يا عمر طول الوجت جاعد سرحان وموجف حالك عن 
عن ايه
عن انك تشوف نفسك يا واد ابوي متزعلش مني بس الدنيا مبتوجفش على حد وانت يدوب تلحج تدور على عروسة عشان تتجوز انت كمان وتفرح أهلك بيك ابوك وامك ليهم حج عليك نفسهم بجى يشوفوا خلفتك ولا انت ناسي ان انت الواد الوحيد فينا 
تجاهل عن عمد كل ما أسهبت به ليخبرها وكأنها لا تعلم
النهاردة كتب كتابها وحنتها يا جميلة 
اخرجت تنهيدة متعبة لتطالعه صامتة وهو يتابع
مش دا برضوا كان هيبجى يومي انا معاها 
عقبت بما يشبه الرجاء
كل شيء نصيب يا واد ابوي هنفضل نجولها كام مرة بس 
ردد بتصميم وكأنه يحدث نفسه
كانت نصيبي يا جميلة كانت نصيبي 
خالة جميلة انتي جاعدة هنا
اجفلت المرأة تستفيق من حالة الحزن التي تلبستها على حال شقيقها لتتبدل للحنق الشديد مع انتباها لهذه الخفيفة كما تلقبها وقد اخترقت داخل المنزل حتى جاءت الى هنا بجرأة تذهلها في توجيه الحديث لها وعينيها مسلطة عليه
اصل انا كنت مروحة بس جولت اشوفك لو عايزة مني حاجة جبل ما امشي عامل ايه يا استاذ عمر
رمقها بنظرة فاحصة من أعلى الى الاسفل قبل أن يجيبها بتمهل
اهلا يااا هدير عاملة ايه انتي
انا زينة والله والحمد لله تشكر على سؤالك وزوجك يا استاذ عمر 
تبسم يبتعد بوجهه عنها ونهضت شقيقته تنهرها بلطف
روحي يا هدير وانا لما اعوذ حاجة منك هندهلك أكيد انا مش عايزاكي تتأخري عن امك وتيجي بعد كدة هي تلومني 
همت لتزيد من تلكأها باختلاق أي حديث برأسها قبل عن ان يقطع هو بأن انتفض فجأة بعد أن القى بنظره على شاشة الهاتف ورأى محتوى الرسالة التي أتت له من احدهم 
رايح فين يا عمر 
هتفت شقيقته تسأله ولكنه تجاهل ليتخطى الأخرى وكأنه لا يراها وذهب سريعا نحو وجهته 
بداخل مدافن القرية
وبعد ان أنهت زيارتها لقبر والديها وجدها الأكبر وبعض الراحلين من العائلة فلم يتقبى سوى زيارة الساحة الكبيرة لشيخ القرية الراحل والتي تبقى مفتوحة دائما لإطعام المحتاجين وذلك من تبرعات المحسنين واولهم هي لا تفوت زيارة للمدافن بدون ان تعطي من مالها الخاص 
توقفت امام الباب الاخضر الكبير الخاص بمدخل النساء فخرجت تستقبلها المرأة القائمة برعاية الساحة بابتسامة امتنان وحب لها
يا اهلا يا اهلا دا ايه النور ده الست روح بنفسها مشرفانا
تبسمت لها تبادلها التحية وجاء الرد من شقيفتها
ايوة يا ست حفصة عشان تعرفي بس غلاوتكم عندها جاية تزوركم النهاردة في يوم حنتها وكتب 
على الرغم اننا متأخرين والله 
وه يا نادرة جات يعني ع الخمس دجايج دي
تفوهت بها عاتبة نحو شقيقتها قبل ان تتجه مباشرة للمرأة
انا جاية احط اللي فيه النصيب يا خالة هتاخدي انتي بجى ولا لازم ادخل بنفسي
يا بنتي وانا من امتي باخد بيدي بس ادخلي حطي بنفسك في الصندوج الدنيا فاضية دلوك دا وجت صبحية 
ادخلي انتي وانا هجعد هنا وهستناكي مع الست حفصة مشوار المدافن هد حيلي 
عقبت بها نادرة على قول المرأة لتدلف هي وحدها داخل الساحة الشاسعة التي اعتادت عليها حتى وصلت الى المكان المعروف وضعت حزمة كبيرة من النقود بعد ان قرأت الفاتحة على روح الشيخ الراحل ثم استدارت لتتخذ طريقها نحو الخروج ولكنها تفاجأت به أمامها
عمر 
تفوهت بالأسم وقد توسعت عينيها بجزع لتردف بتخوف
انت ازاي جيت هنا 
القى بنظرة نحو السور الصغير للساحة الشاسعة فهمت منها انه قفز من الخلف ليأتي اليها الان ويفاجئها 
ازيك يا عروسة النهاردة كتب كتابك وحنتك جال 
ابتعلت غصتها وچرح رؤيته بهذه الهيئة اضاف على چروح قلبها اضعاف لتجيبه بتماسك واهي رافضة ان تعطيه أي أمل كاذب
ايوة فعلا النهاردة حنتي وكتب كتابي ع العموم كتر خيرك ع المجازفة الكبيرة اللي جومت بيها دي عشان تباركلي عجبالك انت كمان 
قالتها وتعمدت الذهاب لتنهي نقاشا
لا طائل منه ولكنه أجفلها حينما اوقفها جاذبا اياها من مرفقها مردفا پغضب استوحشت به ملامحه
استني عندك انتي هتمشي وتسيبني كدة بڼاري من غير ما ترسيني ع الحجيجة مفيش مرواح من غير ما تجاوبي على سؤالي يا روح دا انا ما صدجت عثرت فيكي 
نفضت ذراعها عن قبضته لتزجره بقولها
فوج لنفسك يا عمر انا مش واحدة هينة ليك ولا لغيرك عشان اسمحلك تتصرف معايا كدة
رفع يده عنها ليردف متقدما نحوها مما جعلها تتراجع هي للخلف
يديا الاتنين جدامك اها ممكن بجى تفهميني يا ست يا ام شخصية قوية كيف واحدة زيك مجدرتش تسد
مع ناسها زي ما كنتي مفهماني كيف رضختي لرغبة اخوكي ودوستي على جلبي برجليكي
صاح بالاخيرة يجفلها بهيئته الغريبة وقد اصطدم ظهرها بأحد الأعمده حتى ودت ان تهرب من أمامه ولكنها اغلق كل الطرق بتصدره بجسده أمامها فخرج صوتها باهتزاز
بعد من جدامي يا عمر عيب كدة لو حد دخل هيجول عليك ايه
يجولوا اللي يجولوا انتي جاوبي على سؤالي وبس
احتد بها يضرب بكفه اعلى رأسها پعنف جعلها تشك ان من يقف أمامها ويحدثها الان هو عمر نفسه حبيبها الذي انتظرت من أجله سنوات
يا عمر بجولك سيبني امشي موضوعي معاك خلص انا فعلا مقدرتش اسد مع أهلى لأني مجدرش اعترض على قرار اخويا ولا اتحداه سيبني بجى واعتبر نفسك كنت مغشوش فيا 
كانت منكمشة بجسدها عنه هذه اول مرة تعرف معنى الړعب بحق وكلماتها كانت كمن يصب الزيت على الڼار لتزداد ملامحه اظلامه حتى لم يشعر بقبضته التي ارتفعت أمامها بقوله
يعني جاية بعد السنين دي كلها وبعد ما اتغربت وجدرت اجيب اللي اواجه بيه أهلك وابجى ند ليهم وانا بتجدملك تيجي انتي على اخر لحظة وتجوليلي مش لاعبة لا طب انا ماسك في اللعب و مش ناوي اشيلك من مخي يا روح جوليلي هتعملي ايه
بعد عنها لاجطعلك يدك 
صدر الصوت الجهوري من صاحبه لتلتف رؤس الاثنان نحوه فالتقط هو نظرتها اليه ليرى ولأول مرة بها الامتنان لمجيئه قبل ان تتبدل الى الخۏف من القادم خصوصا بعدما شاهدت تحفز الاخر وكأنه يرحب بالشجار
عارف باشا ازيك يا عريس المفروض برضوا اباركلك زي ما باركتلها 
تقدم نحوه بصمت ليسحبها من ذراعها حتى جعلها خلفه قبل ان يجيبه بازدراء رافعا السبابة أمامه بټهديد
قسما بالله لولا اني عامل جيمة للمكان الطاهر اللي احنا جاعدين فيه لكنت عرفتك مجامك وعلمتك كيف تتعامل مع الناس محترمين 
هم ان يتحرك بها ولكن عمر اوقفه بقوله
طب انا راجل
مش محترم وعايز اعرف كيف واحد يتجوز واحدة ڠصب عنها حتى وهي جلبها معلج بغيره ولا انت مش واخد ان هي كانت ساكتة وانا بكلمها
كتمت صوت الشهقة بوضع كفها على فمها لتطالعه بخيبة أمل بأن يتحدث في أمر كهذا امام ابن عمها والذي من المقرر أن يصبح زوجها بعد عدة ساعات اتعتبرها نتيجة لغضبه ولكن ألا يجدر به أن يراعي
 

تم نسخ الرابط