رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر
المحتويات
المسلوق والغذا الغذا اهم حاجة في الأيام ده
وإيه تاني كمان يا دكتور
تفاجأ به الطبيب يلفه إليه بجلافة اذهلته ليردف بعدم استيعاب
في ايه يا أستاذ انا كنت بتكلم معها بخصوص الحالة
قابله بنظرة خطړة يرد بتحفز
وماله يا سيدي كمل كلامك معايا ايه بجى اللي مطلوب
قلب الطبيب عينيه بسأم وبدون ان يشعر وجد رأسه تلتف نحوها
أنت كمان عرفت اسمها
تمتم بها والدخان يخرج من أذنيه وفتحتي أنفه ليعيد وجهه اليه پعنف قائلا بفحيح
لكن انا مش بتكلم معاك ولا يكون مش مالي عينك
شحب وجه الطبيب وقد تيقن بالفعل انه يتحدث مع رجل مچنون تلعثم يجيبه بتخوف
حضرتك طيب وانا عملت ايه بس يزعلك
زاد اشتعال عينيه حتى هم ان يخطئ في رد فعله ولكن عارف لحق عليه ليسحب الطبيب من أمامه يخاطبه بزوق
توقفت هي ببلاهة تتابع خروج الطبيب بظن احمق انه قد يعود إليها بنصيحة أخرى ربما تكون قد تاهت عنه في خضم جداله
غافلة عمن ارتكزت ابصاره عليها بشړ حتى انتبهت لتجفل على هذه النظرة الإجرامية منه وحديثه خرج بعدائية غير ابها بالظرف ولا حتى بانتباه زوجته لغرابة افعاله
ابتعلت ريقها الذي جف من هيئته وانقلابه المفاجئ لتجيبه على تخوف
زينة زينة الحمد لله
يتبع
ياللا بقى ندوس ع النجمة وتعليق حلو
الفصل السادس عشر
ها قد عاد عاد اخيرا يقف بقدميه على ارض الوطن يطل من شرفة غرفته في منزل العائلة الذي تم أعادة بناءه مرة أخرى بشكل يناسب العيش الأدمي
يتنفس هواء البلدة التي حرم منها لعدد من السنوات أيام وليالي ذاق فيها العلقم وحده في غربة كادت أن تمحو ملامحه تجرده من أنسانية احتفظ بها بصعوبة تحت الضغوط والأزمات التي مر بها من يعلم بما مر به!
يا صباح الورد والهنا دا عريسنا صحي وواجف في البلكونة كمان
هتفت جميلة وهي تدفع الباب لتدخل بالصنية التي ارتص عليها العديد من الأطعمة وخلفها ابنتها الصغيرة ذات العامين تهلل بمرح
خالي جه خالي جه
اه يا عفريتة انتي
اردفت بها تطرقع بأصباعيها عقب على فعلها بمرح
والله يا ست جميلة انتي مفيش منك بحب جوي التفائل بتاعك لكن يا غالية احنا صحيح فاضل معانا التكة الأخيرة بس دي مش هينة برضوا انا مش هصدج غير لما الاجيها في بيتي
بكف يدها صارت تربت على ركبته تتمتم بتهوين
تستناك أكيد هيخليها تكمل المشوار وتنهيه النهاية السعيدة
اااه يا بت ابوي
نفسي امبارح بالعافية اني اعدي على بيتهم ولا الف حواليه بالعربية يمكن تطل من شباكها ولا تطلعلي واملي عيني برؤياها
اللي منعني بس ان الدنيا كانت ليل ھموت اشوفها جصاد عيني وبرضوا خاېف لمجدرش احوش يدي عن عايزة ارغي واحكي معاها كتييير جوي اسمع صوتها لحد ما ودني توجعني يمكن ساعتها اشبع منها
نفسي بجي اليوم دا يكون بكرة
بتأثر شديد کسى ملامحها تمتمت جميلة بإشفاق
هانت يا حبيبي راح الكتير مبجاش الا الجليل انت تاكل وتتجوت دلوك وبعدها نشوف موضوع مجابلتها دي ما هو كمان دي مش حاجة ساهلة وانت الناس هتبجى مالية البيت هنا تسلم عليك الايام دي دا باب البيت من الصبح مهدنش من الخبط عليه كلها جاية تهني برجوعك بعد الغيبة
تبسم بسخرية لينزل الطفلة قبل ان يرفع صنية الطعام بين يديه متمتما
دلوك عرفوا جيمة ولد عبد السلام وجايين يستجبلوه كمان لما جاي شايل ومحمل سيبك منهم العالم دي
طب انت واخد الصنية ورايح على فين
هتفت سائلة باستفهام وهي تجده يتخذ طريقه نحو الخروج من الغرفة رد بدون ان يلتفت نحوها
نازل اكل مع اخواتي وامي وابويا وعيالهم يا جميلة هو انا هتجيني نفس اكل لوحدي تاني دا انا ما صدجت
عمر يا بنات
أما عنها
فقد كانت واقفة أمام المراة الان تتأمل نفسها بشعور لا تجد له وصف هل هو احساس يغمرها بالفرح الذي اقترب اخيرا ليطرق بابها أم هو الشوق الذي اللهب فؤادها منذ أن علمت بمجيئه منذ الأمس حينما اخبرها عبر رسالة نصية بأنه الان داخل البلدة والسيارة تطير به في طرقاتها لقد قفزت وقتها من فوق التخت
حتى همت أن تتناول عبائتها لتخرج لاستقباله ولكن عقلها عاد اليها حينما نظرت إلى شاشة الهاتف لتعلم ان الساعة تعدت الواحدة صباحا وإن خرجت مندفعة برغبتها المچنونة الان سوف تجلب على رأسها المشاكل وهي في غنى عن أي شيء الان يعطلها يكفيها عڈاب الانتظار
زفرت تخرج تنهيدة بعمق ما تحمله داخلها من عڈاب لتلتف بخطوات متأنية حتى جلست على طرف التخت تعود بذاكرتها لهذا اليوم الذي تم به ما يشبه ميثاق العقد بينها وبينه قبل ان يسافر وذلك عقب فسخ خطبتها من ابن عمها عارف مباشرة
روح اخيرا جيتي يا روح
هتف سائلا بلهفة ينهج بلهاث بعد أن وجدها جالسة اسفل شجرة التين التي جاءت اليها برفقة شقيقته هاربة من ملاحقة الجميع من أفراد عائلتها بعد اتخاذها هذا القرار المؤلم والمفاجئ والذي دفعت ثمنه ايام من المړض جعلت شقيقها يضطر تحت الضغط أن ينصاع لرغبتها ويخسر من أجلها صداقة اقرب الاشخاص من ابناء عمومته عارف ابن عمها والذي كان نصيبه البائس ان يقع في عشق امرأة لا تبادله المشاعر وقد مرت فترة خطبتها به حتى كانت كالحبل الذي يطوق رقبتها يزيدها اختناقا يوما بعد يوم حتى فاض بها ولم تعد لديها قدرة على التحمل
دنى على عقبيه يجلس مقابلا لها بأعين ترقرق بها الدمع يسألها بلوعة
شهور وانا محرم نفسي حتى ما اعدي جمب البيت عشان ما شوفكيش واتوجع ودلوك لما اسمع بعودتك الاجيكي دبلانة كدة ايه اللي حصلك يا روح
تبسمت له بشحوب وجاء الرد من شقيقته
جايمة من دور عيا يا عمر عايزها تبجى كيف
سمع منها وبنبرة حانية اختلطت بوجعه
سلامتك يا غالية من كل شړ امرض انا سنة ولا يوم واحد تتعبيه انتي
بعد الشړ عليك متجولش كدة
قاطعته على الفور ودون انتظار لتغزو ابتسامة سعيدة ملامحه بعد ان سمع صوتها اخيرا وبهذا الرد الذي أثلج صدره لتنهض جميلة من جوارهما تستأذن بحجة مكشوفة
انا هروح ابص هناك على أي حد بيحش برسيم في زرعته امي موصياني اجيبلها باط كبير عشان وكل الطير ثواني ومش هتأخر
تبسم هو ينظر في أثرها مغمغما
عندها زوج والله البت دي طلعت بتفهم
انا فسخت خطوبتي بعارف عشانك
باغتته بها حتى طالعها مشدوها للحظات حتى اسبل اهدابه فجأة ليعتدل بجلسته متربعا موجها أنظاره في نفس وجهتها وقد تهدلت أكتافه بقنوط حتى اخرج زفير يأسه قائلا
المفروض ان ابجى أسعد واحد دلوك لكن للأسف العجز وجلة الحيلة مانعين عني حتى الأمل
طالعته غاضبة لتردف بانفعال مكتوم
انا بجولك اتجدم وملكش دعوة بأي حاجة
ومين يتكفل باالجوازة يا روح ليكون مفكراني راجل مدلدل وهرضى بمليم واحد من عيلتك دا انا ادفن نفسي احسن
يعني برضوا هتجعد ساكت وتسيبني اروح لغيرك انا فاض بيا ومن سلبيتك خليك على حالك يا عمر ولا اجولك انا هريحك مني خالص
قالتها وتحاملت على كفيها لتنهض من جلستها على الأرض وفور ان وقفت على أقدامها فاجئها بقوله
جاتني فرصة عمل في الخليج
طالعته باستفهام فتابع شارحا
انا مسافر ومشواري طويل يا روح الراجل اللي هيسفرني هياخد نص مرتبي لحد ما اخلص دينه عليا لأني للأسف هسافر على حسابه دا غير اني ملزوم ابعت لأهلي ومتخلاش عنهم يعني مشواري طويل على ما اجدر اللم جرش يمكني من فعل أي حاجة لنفسي مش جادر اجولك استنيني اخاڤ اظلمك
بس انا هستناك
حتى لو كنتي ناوياها من جلبك برضوا مش هلوم عليكي لو شوفتي نصيبك مع حد يستاهلك انتي دلوك اربعة وعشرين سنة عمرك من عمر جميلة ودي مخطوبة زي ما انتي عارفة وخلاص فرحها جرب
تابعت له بعزم مؤكدة
برضوا هستناك يا عمر ومش هخلف بوعدي معاك
عادت من شرودها لترفع كفها أمام وجهها تمتم بلوعة
خمس سنين خمس سنين انجطعوا من عمري وانا دلوك على بعد خطوة واحدة بس واعدي التلاتين سبحان من صبرني ع اللي فات وسبحان من يجملني للي جاي
خرج من غرفة الاستقبال التي امتلأت عن اخرها بالرجال المهنئين بعودته من بلاد الغربة ليمر على عدد من النساء الاتي التقطنه بالسلامات والقبلات ايضا فهذا شيء عادي بالنسبة للنساء المتقدمات في العمر فكان يقابلهم بالابتسام والردود الممتنة
نفذ منهم بأعجوبة متعللا بإرهاقه حتى خرج من الباب الخلفي يجلس على المصطبة الرخامية يقلب في شاشة هاتفه يتبادل معها الرسائل للاتفاق على موعد للقاءها قبل اتخاذ أي أجراء رسمي
ااه يا عمر حتى وانت معاها في نفس البلد برضك لسة في الرسايل اللعېنة دي ابو العوايد الزفت
غمغم بصوت خاڤت قبل ان يجفل رافعا رأسه على ظل صغير
تطلع للفتاة التي كانت واقفة مواجهة له مباشرة ذات بشړة سمراء بلمعة ناعمة جاذبة للعين وأعين واسعة كالفنجان على ملامح دقيقة ووجه دائري طفولي خطت داخلهم بخط الكحل لتزيدهم روعة ولكنها كانت تطالعه بجرأة غريبة طالعها باستفهام يخمن
انها ربما تكن إحدى بنات شقيقاته الاتي كبرن في غيابه عنهن
انتي بت مين
تبسمت بلهفة تجيبه على الفور
انا هدير وانت عمر اللي كنت مسافر صح زي ما وصفتك خالتي جميلة بالظبط طويل وخشبك عريض ووشك جمحاوي بس هي مجالتش ان فيك عضلات
نزلت عينيه غريزيا نحو ما تقصد ليرتفع رأسه إليها بعدها على الفور باستدراك سائلا بجدية
انتي هدير مين بت واحدة من خواتي البنتة ولا تجربي للعيلة
لااا انا هدير جيران خالتي جميلة ما هو بيتنا في في وش بيتها على طول انا طول اليوم بحكي معاها في الشارع ولو دخلت تخدم في بيتها بخش اساعدها كمان
كان يتطلع اليها فاغرا فاهه باندهاش وهي تسهب في الحديث ولا تعطيه حتى فرصة للتفوه بحرف حتى إذا توقفت اخيرا سألها على الفور
طب انتي جاية لمين دلوك يا هدير لو عايزة خالتك جميلة خشيلها هتلاجيها في
الصالة مع الحريم
حينما ظلت واقفة تطالعه بازبهلال هتف بحزم أجفلها
يا بت ما تخشيلها هتفضلي واجفة كدة مكانك
اا حاضر
انتفضت تردف بها قبل ان تتحرك على الفور ذاهبة لينظر في أثرها معقبا بابتسامة على هيئتها
الله يجازيكي يا جميلة حصلت كمان للعيال الصغيرة
في
متابعة القراءة