رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر
المحتويات
عدد من البالونات الطائرة وأشكال العاب مختلفة حتى اذا وصل إليهما ارتفعت رأسها اليه
بنظرة تعبر عن احتجاج على وشك البزوغ استطاع منعه من بدايته بقوله
معلش يا جماعة بس انا حالف بيني وبين نفسي ما احط معلجة في حنكي غير بعد اما انتوا تشاركوني العزومة البسيطة دي رغم اني ھموت عليه
بعد الشړ عليك يا ولدي ليه بتجول كدة
وفي مكان اخر
دلفت جميلة داخل المنزل الجديد والذي تم بناءه على مدار سنوات وها قد اقترب الميعاد المنتظر بالأنتهاء من تشطيبه حتى يعود بعدها الغائب من غربته التي اقتطعت منه أجمل سنوات العمر من أجل الوصول لهدفه
هتفت من خلفها تجول بأنظارها داخل المنزل بانبهار شديد جعل جميلة تلتف إليها بابتسامة رائقة
أيوة يا هدير هي دي شجة اخويا هي الأحلى بجى ولا شجة واد خالتك عابدين اللي عايز يتجوزك
شهقت هدير رافعة طرف شفتها باستنكار طريف
عابدين مين ده كمان اللي اتجوزوا هي ناجصة مرض يا خالة جميلة سيبك من سيرة الزفت المخبل ده وخلينا في الفرح الحلو انا سمعاكي بتجولي لامي ان اخوكي جربت رجعته وهتجوزوه على طول اول ما ينزل
ان شا الله يارب ادعيلنا بالتساهيل يا بتي نفسنا بجى نغمض عنينيا ونفتحها نلاجيه متجوز وفي حضڼ عروسته ھنموت والله ع اليوم ده
بعد الشړ يا خالتي شالله يا رب يفرحكم بيه عن جريب
قالتها ثم التمعت عينيها بفضول سائلة
طب انتوا كدة بتدوروا على عروسة ولا هو خاطب من هناك
لتظل بالعباءة البيتية قبل البدء في التنظيف
لا يا ختي لا خاطبين ولا بندور على عروسة لما يجي هو يعدلها ربنا
كيف يعني دا انتي بنفسك بتجولي العمر سرجه ويدوب تفرحوا بيه يعني حجه عليكم ينزل يلاجي العروسة مستنياه
ضحكت جميلة تتوقف عما تفعله لتتلاعب بها بتسلية
استقامت الاخيرة لتفرد ظهرها أمامها ثم تردف بلهفة وتفاجأها
وتدوري ليه ولا تتعبي جلبك ما العروسة جدامك اها ولا انا معجبكيش
تسمرت جميلة تطالعها بذهول سرعان ما تحول لضحكة رنانة في قلب الشقة الخالية قبل ان تزجرها ضاحكة
عروسة في عينك اللي تاكي فرسة تفرسك امشي يابت انجري على أي حتة غيري عبايتك عشان نمسحوا الشقة ونروجها امشي
جال تتجوزوا جال دا كان خلف واحدة من عمرك يا مضړوبة الډم
يتبع
الفصل الرابع عشر
وإن سألوك عن قلبي
فقل لهم لم أهجره
ولكني اخترت الإبتعاد بعد الخصام
فالهجر طريق لا رجعة فيه
اما الخصام فهو سنة المحبين
أن تبتعد بمسافة يكن هناك فرصة للعتاب
وعتاب الأحباب ما أجمله فهو المقدمة للصلح
بنت الجنوب
بثقة كاذبة وتحدي احمق كان يخطو قاطعا الردهة في المشفى نحو الغرفة المقصودة امام انظار الشباب اولاد شقيقاته وبعض من رجال العائلة يقابل نظراتهما الڼارية بأخرى غير مبالية ناقلا أبصاره نحو الحاج رحيم الذي بدا جليا انه من يلجم الأولا عن التهجم عليه او الشجار معه
بعد أن استجاب اخيرا لدعوته بأن يزور والده الذي كان مصرا على رؤيته والاخر تقاعس لعدد من الايام حتى أتى اليوم ليقابل بمقت يتوقعه
تخطى حتى اقترب من النساء الاتي اتخذت ركنا لها وحدها بجوار الغرفة
أماء بطرف ذقنه نحو والدته كتحية باردة تلقتها المرأة بجمود وعدم اهتمام لم يؤثر فيه حتى التقت عيناه بشقيقاته الكارهات ثم زوجته المصون ليختصها بنظرات متوعدة على ملامحه المشتدة قابلتها بأخرى غير مكترثة على الإطلاق ليدور حديث الأعين السريع ناشرا ذبذبات غاضبة في الأجواء لم يقطعه سوى بعد أن فتح باب غرفة أبيه ليفصل بينها وبينه بعد الدخول الى الرجل
توك ما جاي تشوفني يا فايز
خرج الصوت الضعيف من صاحبه فور أن وقعت عينيه عليه معه بداخل الغرفة
اقترب الاخير مبررا رغم تردده الواضح أمامه
معلش بجى ما انت عارف الدنيا ومشاغلها اللي بتعطل الواحد ڠصب عنه ع العموم انا كنت بطمن عليك من الرجالة وعم رحيم
كڈب ليس له أي معنى على الإطلاق نظرا لحالة الرجل الخطړة واقترابه من لقاء ربه
وصل الى فايز ما يفكر به أباه جيدا من صمت ملامحه الساكنة ونظرات الخيبة التي كان يرمقه بها لتزيد من اشتعاله حتى اڼفجر به
بتبصلي كدة ليه مش انت اللي جيبت الكرهة ما بينا لما بديت عليا ولدي وكتبت البيت بإسمه على حياة عينك طب اهو ماټ وانا ورثت فيه بس برضوا مش حجي بالكامل عشان انا حجي كبير يجي نص البيت البيت اللي
اكتشف ان اللي لينا في شريك المحروسة بت اخوك اللي طول عمرك مجدمها على ولدك تطلع كمان مورثها لوحدها هي وولدها فاضل ايه تاني ليكون كمان كتبت الارض الله في سماه ما هتكلم المرة دي غير بسلاحي ما هي مش كل مرة هسكت واحط مركوب في خشمي
ويعني انت فعلا سكت يا فايز
بلهجة هادئة مناقضة تماما للعاصفة الفائتة من ابنه التمعت أعين عبد المعطي بدموع محتجزة تنتظر الاشارة للهطول ليتابع له بصوت مبحوح
أنا عارف اني غلطت معاك يا ولدي غلطي كان كبير جوي من وجت ما طلعت ع الدنيا وانا بغطي والم وراك جلعتك لحد ما خيبتك طلعتك ع الأنانية وحب النفس لحد ما عميت عن الصح وعن حجوج الناس انا الغلطان يا ولدي عشان سيبتك لشياطينك وحطيت أملي في الزرعة الجديدة لحد اما كبرت واخضرت وطرحت أحلى أمل في عيوني ونسيت ان الثمرة الزينة ما بتجعدتش على عودها بتتخطف جبل أوانها من حلاوتها اااه يا حجازي
لم يتحمل فايز حتى ضړب بقبضته على الجدار الأبيض جواره بغيظ شديد ينهره
ما كفاية بجى وارحمني هو انت هتذلني بيه هو حي وهو مېت انا تعبت منك ومن ظلمك مش ناوي بجى تريحني وتبطل
لساك جلبك جاحد على ضناك يا فايز حتى بعد ما راح لرب كريم
استشاط ڠضبا فوق الڠضب فوالده العزيز حتى على فراش المۏت مصرا پعنف على التقليل منه وهذا ما كان السبب الرئيسي في الشقاق بينه وبين ابنه الراحل ارتفعت رأسه مجفلا على سؤاله المباشر
عرفت اللي اتسبب في مۏت ولدك يا فايز
وهكون عرفت منين متفج معاه مثلا
هدر بها فاقدا المتبقي من أعصابه فقد كان متوقعا الشك منه وهذا ما اخره على المجيء لكن والده كان مصرا على إخراج ما في قلبه
لا يا ولدي مش متفج معاه بس هو متفج عليك دور ع المستفيد وهتلاجيه مرتبط بيك وجف شيطانك شوية عشان تفتح وتشوف صح احذر شړ نفسك عشان ندمك هيبجى واعر وكبير جوي
تابع عبد المعطي وهو يراه يشيح بوجهه للناحية الأخرى برغبة واضحة في اظهار الرفض والسأم من القول المتكرر
عدوك من نفسك وان كنت سادد ودانك عن كلامي دلوك بكرة الزمن هيخليك تعرفه زين لما تتزاح الغشاوة عن عينك بتمنى ساعتها ان ربنا يخفف عنك من عڈاب الندم حكم دا واعر وشديد جوي ع النفس
القصب القصب القصب عايز مية يا واد
محلاكي يا بت يا بيضة لما العريس يخش
يلقاكي بيضة بيضة ومنوراله الوش
داخل يديكي جنية طالع يديكي جنية
نازل يديكي جنية على عوجة البورية
في الأوضة البحرية
توقفت أم أيمن لتصدح بضحكة مجلجلة ومعها السيدات الاتي يقرطفن معها أكوام من اوراق الملوخية والتي يتم جز أعوادها في هذا الموسم قبل ان يجففنها حتى يتم تخزينها بعد ذلك باختلاف عن باقي المحاصيل التي يتم حصدها في الأرض
ام أيمن والعديد من السيدات يأتين هنا بمساعدة العاملات في المنزل ومشاركة لروح التي تحب جلساتهن والمزاح منهن حتى أنها أتت برفيقتها الجديدة نادية لتأخذ حصتها من المرح مع النساء الاتي لا تكف عن الثرثرة في المواضيع المختلفة مستغلين ألامان بالإختلاء مع أنفسهن في هذا الجزء الخالي من المنزل في الخلف فلا أحد يسمع الحديث ولا احد يملك التعليق على محتوى ما تتلفظ به ألسنتهن
يردفن بحكايات قديمة وجديدة ووقحة في بعض الأحيان تكن تسلية لهن كالتعليق البذيء الذي صدر من أحداهن الان تعقيبا على معنى الاغنيه المقصود من أم أيمن
بس بس بس يا أم أيمن راعي ان معانا آنسة حرام عليكي
هتفت
بها نادية في محاولة يائسة منها لإثناء المرأة الجريئة عن الغوص في نقاشها المنحرف رغم ضحكاتها ولون بشرتها التي أصبحت تماثل ثمار الطماطم في حمرتها
تلقت المرأة نقدها بنظرة خبيثة نحو روح التي كانت تخبئ بكفها على عينيها لتشاكسها
طب وفيها ايه لما تعرف خليها تتعلم دا حتى العلام بفلوس اليومين دول
رفعت لها الأخيرة رأسها ترد مقهقهة بعدم مقدرة على التوقف
عندك حج يا أم أيمن وانتي بصراحة استاذة
قالتها روح لتصدح ضحكات النساء مرة أخرى والتلميحات الغير بريئة على الإطلاق من عدة افواه
غافلين بشكل تام عمن كان متابعا لهم عبر نافذة إحدى الغرف المطلة على الجهة الخلفية للمنزل الكبير من خلف الستار المعتم لا يصدق ما تراه عينيه ساحرته التي نزعت عنها اليوم ثوب الحزن والخجل لتضحك وتقهقه بشقاوة على نكات أم أيمن المعروفة بجرأتها وهو بالفعل يخمن مغزى الحديث بدون ان يسمع
كانت شهية بشكل موجع تميل على شقيقته بغمزات مفهومة تعقيبا على قول المرأة بخجل فتيات في عمر المراهقة
لقد تضخم قلبه بالفرح من أجلها حتى أصبح يضحك معهما بدون ان يشعر فلم يغلق ثغره إلا حينما اجفل على انتفاضهن ناهضات بفزع نحو جهة الأطفال من الناحية الأخرى يبدوا حدوث أمر ما
هناك
ضمت اليها طفلها بقلب ملتاع لصراخه المټألم تدلك على ظهر كفه والرسغ حتى المرفق وقد تشكلت علامة حمراء كخط كبير على الجلد الناعم بعد تلقية ضړبة قوية بأحد أعواد الملوخية القاسېة
كدة برضوا يا شروق دي عاملة تعمليها اروح انده لابوكي دلوك يأدبك عليها دي
صاحت بها روح موبخة نحو ابنة شقيقها المتسببة في هذا الأمر للطفل الذي ما زال ېصرخ پألم رغم التدليك المتواصل وغسلها بالماء البارد حتى تخفف عنه
اعترضت الطفلة المتمردة بوجهها
ما هو اللي زجني عايزانى اسكتله
زجرتها مستنكرة فعلها بلهجة أشد هذه المرة حتى ترتدع هذه الشبيهة بوالدتها
بس يا بت دا انتي أكبر منه وعيب
عليكي تردي عليا اصلا اقسم بالله لو ما اعتذرتي لاروح اجول ابوكي وهو يعرف شغله معاكي يا زفتة انتي
ما خلاص يا روح
هتفت فتنة وهي تتقدم نوحهن اتية من المخرج الخلفي لتتابع بصوت مشتد
جالتلك الواد زجني
متابعة القراءة