رواية ندوب الهوى بقلم ندا حسن كاملة
تتمنى أن ترى هذا! منذ زمن بعيد وهي تتمنى أن ترى ابنها الأكبر بينهم يحتويهم ويكن لهم العون والسند في الحياة والآن وبعد كثير من الأعوام الذي مضت هو هكذا يلبي طلبها ويقف جوارهم ويكن لهم خير الأخ والصديق
رحيل مسعد عن حياتهم غير بها الكثير والكثير وكأنه كان الشيطان الذي يوسوس في النفوس ثم من بعد اختفائه عادت النفوس ملائكه ليعم الخير والسعادة الفرح والراحة وكل ما هو يطيب خاطر الإنسان ويجعله مطمئن عاد
صبرا جميلا من بعده حياة
اليوم التالي
وقفت هدير في مطبخ شقتها تنهي تحضير الطعام بعد أن استمعت إلى انتهاء الصلاة في المسجد والآن سيكون زوجها وولدها الصغير متوجهين إلى المنزل
لحظات خلف الأخرى تعد الطعام بحب وليس بيدها ترشه سعادة بعيده عن ملح الطعام تدندن بفرحة الحياة وابتسامتها السعيدة المقدمة إليها بعد أن نالت ما تستحقه منها على حق
وكان هو الآخر يرتدي عباءة صغيرة بيضاء كوالده قد أتى بها جده رشوان إليه كان الصغير يشبه والده بالمعنى الحرفي عينيه رمادية مثله ولكنها حادة قليلا تظهر بوضوح أكثر من جاد أنفه مثله وشفتيه وكل ما بوجهه يشبهه ولكن طريقته وحديثه لا يشبه إلا جده رشوان
أقترب منها يهتف بصوت عالي وبفرحة كبيرة
أقتربت منه جالسة على عقبيها على الأرضية وقبلته من وجنته بقوة مبتسمة بسعادة هي الأخرى قائلة بمزاح أم ودلالها الذي لا يعجبه
ياختي كبرت وبقت تصلي يا ولاد
عاد للخلف قليلا ناظرا إليها بقوة وهتف بنبرة منزعجة
ياختي مين وكبرت مين يا ماما أنا آدم
استدار ينظر إلى والده بقوة مردفا بضيق يشكي إليه من والدته الذي تزعجه دائما بحديثها كجدته بالضبط
أقترب جاد للداخل وهو يبتسم قائلا بنبرة جادة لكي يشاكسها
لأ طبعا غلط أنت راجل إزاي تقولك كده
صاح الآخر بطريقة طفولية جميلة للغاية وهو يظهر انزعاجه لهم
الله طب ما تقولها
صاح والده هو الآخر يجاريه في حديثه قائلا
منا بقول أهو
وقفت هي على قدميها ثم أشارت لهم هم الاثنين وقالت بجدية شديدة لكي تقوم بوضع الطعام كي يأكلون سويا
أقترب منها آدم مرة أخرى وهنا قال بنبرة خاڤتة بريئة سائلا عن طلبه الذي قال لها أن
تقوم بعمله واتضح أنه يحب أكل هذه الأصناف كعمه بالضبط
عملتي محشي يا ماما زي ما قولتلك
ابتسمت إليه وأومأت برأسها مجيبة إياه بحب مكملة بجدية لكي يبدل ملابسه
عملت يا روح ماما يلا غير بقى هدومك جوه على السرير أنا مطلعاها
بعد أن دلف الصغير للداخل أقترب منها جاد مبتسما وهو ينظر إلى قميصها ذو اللون الأسود طويل يصل إلى قدميها ولكنه يلتصق عليها بطريقة تتلف أعصابه به فتحه من الجانب ككل ما عندها لتغريه أكثر وأكثر وهو من الأساس لا يحتاج لكل ذلك
عنقها بالكامل يظهر ويتنافى مع لون القميص بطريقة ترهقه فهي تتمتع بلون بشړة بيضاء بشدة وخصلاتها التي عقصتها للأعلى وفي كل الأحوال هي ترهقه فقط من نظرة عين
هتف بخبث ومكر وهو يقف قبالتها ناظرا إليها بقوة
إنما ايه الحلاوة دي يا وحش مكنش فيه حفلة امبارح ولا حاجه
أقتربت هي الأخرى تضع يدها على كتفه قائلة بسخرية واستنكار مضحك
وهو أنا ببقى حلوة بعد الحفلة بس ولا ايه
تسائل بنبرة لينة مريحة هادئة توضح كم السعادة التي ينعم بها معها وفي ظل وجودها جواره كل هذه السنوات
مين قال كده أنت جميل في كل وقت يا جميل
ابتسمت إليه بهدوء بعد أن ثبت حديثها بحديثه المصاحب لمعاني كثيرة داخله
طب يلا روح غير علشان نتغدا
بقى
غمزها بعينيه الرمادية الساحرة متسائلا بنبرة خبيثة ماكرة منتظر إجابة يود سماعها
طب وبعد الغدا ها
أردفت هي بنبرة لينة متدلله بوضوح وقوة كبيرة وهي تهبط بيدها من عليه تمر على صدره
ما تخلص يا جاد بقى
أشعلت النيران داخله وهي من الأساس مشټعلة دون تدخل أحد ولكنه لا يتحمل أكثر من هذا كل هذه الرقة والجمال الذي يواجهه يوميا
يقطع جاد على سنين جاد
ضحكت بصوت عالي وقالت مستنكرة
الله طب وليه كده
أقترب أكثر يقول بنبرة خاڤتة
جمالك يا وحش محيرني
خرج آدم من الغرفة إلى غرفة السفرة معتقدا أنها
وضعت الطعام ولكنه لم يجد شيء استدار يصيح بقوة كبيرة وصوت صارخ
فين
الأكل ده يا ماما
نظرت إليه على الطرف الآخر وهتفت بقوة متناسية من الأساس أن هناك طعام عليها أن تضعه
أيوه حاضر يا آدم أهو ياحبيبي
نظرت إليه هو الآخر مرة ثانية وقالت بصوت خاڤت خجل ووجهها يحمل الجمال كله والرقة التي لا يوجد مثلها
اخلص بقى
أبتعد ذاهبا إلى غرفة النوم وهو يغمز إليها مجيبا بقوة وتوعد
لينا كلام تاني يا وحش
ثم اختفى داخل الغرفة ودلفت هي الأخرى إلى المطبخ لتأتي بالطعام إلى غرفة السفرة ليتناولوه سويا في ظل جو أسري محبب إليهم بعد حديث جاد ومشاكسة ابنه في ظل محبتها لهم ورؤيتها للسعادة داخل بيتها
في المساء
وقف في صالة المنزل شامخا وهتف بصوت عال قليلا لكي تستمع إليه والهاتف بيده
أنا في بلكونة الصالة هاتي الشاي وتعالي
أجابته من الداخل بنبرة عالية
ماشي
ذهب هو إلى الشرفة فتحها ودلف إليها بهدوء ثم أغلق الباب خلفه وجلس في الداخل على المقعد والهاتف بيده يجري اتصال بأحد ما بينما هي كانت في الداخل تحضر كوبين من الشاي لهما سويا في جلسة صفاء بينهم
دقائق وانتهت من تحضيره ثم أخذت كوبين الشاي على صينية صغيرة بعد أن ارتدت عباءة بيتية وأحكمت الحجاب على رأسها وذهب إليه في الشرفة
فتحت بابها بهدوء ودلفت إليه تجلس على المقعد المقابل له ووضعت الصينية على سور الشرفة وجدته يتحدث في الهاتف وكان ينهي المكالمة وضع الهاتف على سور الشرفة جوار الصينية بعد أن أنهى المكالمة فتسائلت بجدية
كنت بتكلم مين
تحدث بنبرة عادية ينظر إليها بهدوء
ده عبده والجماعة
بيسلموا عليكي
ابتسمت بهدوء وظهر الاشتياق على ملامحها فقد رحل عبده من هنا بعد أن تزوج من رحمة صديقتها كانت الظروف بالنسبة إليه صعبة للغاية فقرر البحث عن محافظة أخرى يتوفر بها عمل أفضل من هذا له لأن عمله مع جاد في النهاية لن يجني له ما يكفي أسرة كاملة
عليك وعليهم السلام ربنا يصلح حالهم
مد يده وأخذ كوب شاي ثم قدمه إليها أولا فأخذته منه ثم مد يده ثانية وأتى بكوب إليه يرتشف منه بهدوء قال بجدية
كنتي خلي آدم ينام في اوضة الأطفال
عادت للخف بظهرها تستند إلى ظهر المقعد وعقبت على حديثه قائلة بهدوء ولين وهي تتذكر صغيرها نائم عليها بكل براءة
بعد ما نام جوه نقلته
ارتشف من كوب الشاي ثم أخفضه من على فمه قائلا باقتراح يود تنفيذه اليوم قبل غد
المفروض يتعود ينام فيها
اعترضت مكرمشه ملامحها ناظرة إليه بقوة وصوتها هادئ كما هو تنظر إليه بجدية
لأ لسه شوية يا جاد مقدرش اسيبه لوحده دلوقتي
استنكر إجابتها عليه تتركه هو وحده هذا لا يهم لكن أن تترك ابنها الصغير فلا إنه صغير وأنت الأكبر عليك التحمل وأن تجعل عقلك أكبر من هذا
بس تسيبيني أنا مش كده
سألته باستنكار مشيره بيدها الحرة من كوب الشاي
وأنا سيبتك امتى
ضيق عينيه الرمادية ذات اللمعة الرائعة عليها وقال بسخرية ويبدو حقا منزعج من هذا الوضع الذي لا يجعله يأخذ راحته معها
مش
بينام في نص السرير بينا
صدحت ضحكتها في المكان وهي تراه منزعج هكذا وكأنه هو طفل صغير يغير من أخيه الذي تفضله عليه والدته
معلش يا جاد اعتبره زي ابنك
هتف بجدية ينبهها أنهم يجلسون في الشرفة أي في الشارع
صوتك في ايه
أومأت إليه برأسها فعاد مرة أخرى إلى موضوعه غامزا لها بعينيه مبتسما وكأنه يقدم إليها معروف وينتظر المكافأة
علشان خاطرك بس
أردفت قائلة بابتسامة هادئة ترتسم على ثغرها الوردي الصغير
طب أشرب الشاي وخلصنا عايزة أقولك أخبار حلوة
أخفض الكوب مرة أخرى بعد أن ارتشف منه وتسائل باستغراب وعينيه مثبتة عليها
أخبار أخبار ايه دي
أجابته بجدية والإبتسامة على وجهها ثم رفعت كوب الشاي ترتشف منه بهدوء مثله
اشرب الشاي وندخل جوه وأقولك
تسائل بنبرة جادة يستغرب حديثها
اشمعنى
علقت على حديثه بقوة لأنه لا يطيق الإنتظار أبدا ويريد أن يعرف كل شيء في وقته كما عودته في الفترة الأخيرة أن كل شيء بينهم واضح وصريح وكأنهم كتابين مفتوحين أمام بعضهم
كده يا جاد كده
لوى شفتيه ببرود وأكمل ارتشاف الشاي قائلا
طيب ياستي براحتك
دقائق مرت عليهم وهم في الشرفة ينتقلون من هنا إلى هنا في الحديث ثم دلفوا إلى الداخل بعد أن أغلق جاد الشرفة
وتقدمت زوجته بالصينية إلى المطبخ لتضعها به دلف هو
إلى غرفة نومهم ينتظر قدومها وهي خرجت من المطبخ إلى غرفة الأطفال
الصغيرة لتطمئن على صغيرها
دلفت إلى غرفة نومهم وكان هو يجلس نصف جلسة يستند بظهره إلى ظهر الفراش وقفت أمام المرآة ثم أبعدت عنها هذا الحجاب والعباءة هي الأخرى ليظهر من أسفلها ذلك القميص القصير
ترتدي قميص قصير لونه أحمر ڼاري يصل إلى منتصف قدميها البيضاء الناعمة به رسومات صغيرة للغاية تجعله يظهر بشكل مغري عليها بحملات أكتاف رفيعة للغاية
تركت لخصلات شعرها العنان خلف ظهرها ثم استدارت تنظر إليه بابتسامة بعد أن رأته من خلال المرآة مثبت بصره عليها منذ أن دلفت إليه
أقتربت وجلست على حافة الفراش جواره ثم أمسكت كف يده بين يدها الاثنين وفي لحظة خاطفة كانت تضعه على بطنها قائلة بشغف وحب
جاد أنا حامل
اعتدل في جلسته وأبتعد عن ظهر الفراش يجلس باستقامه أمامها وعينيه الرمادية تتحرك على عينيها بسرعة فلم يكن يتخيل ذلك الآن فهي لم تأخذ أي وسيلة فقط استمر الإنتظار ليس كما شقيقتها وتسائل بصوت خاڤت
بجد
أومأت إليه برأسها وعينيها تضحك بسعادة ثم أكملت ضاحكة كي تذكرة بما حدث سابقا ولكن هذه المرة على طريقة المزاح
أيوه ولسه عارفه امبارح علشان متسألش السؤال ده تاني
كرمش ملامحه وأجابها بتهكم
قلبك أسود أوي
ضحكت بصوت عال وهي تنظر إليه فمال عليها يعانق إياها بشدة قائلا بسعادة وحب ثم أكمل بمرح
ألف مبروك عقبال التالت والرابع والخامس
أبعدته للخلف وقاطعت حديثه الذي وجدته يستمر به وكأنها ستفعل ذلك حقا
ايه هما اتنين كفاية
أخذ يدها بين كفيه برقة يضغط
عليها وقال بجدية وهو ينظر داخل عينيها بقوة وود لو فعل ما يهتف به معها حقا هنا سيكون أمتلك كل ما في الدنيا
كفاية أوي بس نقدر نربيهم التربية الصح
وضعت يدها الأخرى على وجنته تحرك إصبعها الإبهام عليه بحنان ودلال ظهر في كل تعابيرها التي تخرج منها دون أدنى مجهود
طلما أنت أبوهم يبقى هيتربوا أحسن تربية يا جاد
رفع يدها إلى فمه يقبلها بسعادة بالغة وفرحة كبيرة أخذها على هيئة خبر سعيد منها لقد أمتلك كل شيء حقا ما الذي يريده بعد
مبروك يا أحلى حاجه حصلت في حياتي
أقتربت منه قائلة بحب ونظرتها متعلقة به
يتربوا في عزك يا ابن
أبو الدهب
بعد أن طال الإنتظار لينجب مرة أخرى لم يكن طامع كثيرا في ذلك كان يوده ولو قال أكثر من السابق سيكون حقيقه ولكنه لم يكن يريد أن يكون من طامعي الدنيا فيأخذ كل شيء ولا يترك شيء للجنة يأخذه معها
الواحد يحبك أكتر من كده ايه بس
رفعت حاجبيها إلى الأعلى معقبة باستغراب
للدرجة دي
رفع رأسه ونظر إلى خلفها قائلا بحماس وجدية في نفس الوقت وعينيه تقص كم يحبها مردفا معهم كل ذلك وأكمل ناظرا إليها
ياه وأبعد كمان وكمان وكمان بأمانة بحبك حب مش موجود في الدنيا دي ولا عمري اتخيل إنه يكون موجود
صاحت بقوة هذه المرة تريده أن يعرف أنها تحبه فوق حب المحبين حبا فلا يتخيل نفسه يحبها أكثر مما تحبه
ليه إن شاء الله وأنا ايه منا بحبك أنا كمان وشيفاك كل حياتي
ضغط على يدها بقوة وعينيه الرمادية الرائعة مثبتة على عينيها العسلية يردف لها بكل الحب والصدق الذي داخله يلقي عليها كل العشق والإخلاص الذي اجناه معها قائلا بشغف غير مبالغ فيه
هدير أنت روحي وعمري كله أنت النفس اللي مخليني عايش
ابتسمت إليه وأدمعت عينيها وهي تنظر إلى داخل عينيه مباشرة وتستمع حديثه عنها فلم تجد شيء تقوله وتعبر به عن حبها له وكم أنه الفاصل الوحيد بين السعادة والحزن
وأنت ندوب ندوب فضلت مكان الچروح علشان كل ما أشوفها أضحك وأحمد ربنا أنها
حصلت علشان تبقى أنت ليا يا أحسن راجل في الكون كله
لم يكن يريد منها أكثر من هذه الكلمات لتكون إشارة له في البدء مرة أخرى للسير على طريق الحب والسعادة أقترب منها بوجهه مشتاقا إليها وكأنها منذ زمن بعيدة عنه برقة وحنان بالغ وكأنه يعامل قطعة حرير غالية الثمن لا تخص إلا الملكات المتوجة ولم تكن تريد هي أكثر من أمير المملكة ليقترب منها ويسرد عليها بطريقته الخاصة كم يحبها ويجعلها تجلس
داخل قلبه متربعه على العرش
رأيت الندوب
كم هي جميلة منذ البداية تطاردنا الچروح ټنزف دماء كثيرة وبغزارة تجعلنا نرى الحياة أسوأ بكثير مما هي عليه تشوه جسدنا وتجعله بصورة بشعة للغاية تترك ذكريات محفورة في القلب والعقل وما نبض داخلك كلما تذكرت منها شيء صړخت رأيت الچروح الكريهة هي التي تركت لك ندوب الهوى لتذكرك بكل ما مضى من ألم وآنين يتحول لضحكات ساخرة وهي ترى الحب والهوى يسيطر عليها من كل جانب
تذكر!! أن الله هو العون في كل طيب وخير مادمت على الطريق المستقيم مادمت تريد الحلال في حياتك ينيرها كضوء القمر الساطع
تمت بحمد الله