رواية ندوب الهوى بقلم ندا حسن كاملة

موقع أيام نيوز


سمير يأتي من نهاية الشارع سريعا بلهفة وقف أمامهم متسائلا
في ايه يا جاد كنت بتتخانق مع مسعد
أجابه عمه بهدوء يروي له ما حدث منذ قليل من مسعد وجاد أمام الجميع 
دلف جاد إلى الورشة ومن خلفه والده وابن عمه و عبده جلس على أقرب مقعد منحني على نفسه ينظر إلى الأرضية وقد كان داخله نيران ثائرة وبراكين تود لو تدق عليها دقة واحدة لټنفجر في وجه الجميع لقد كان قلبه مقهورا من رفض والده والآن ازداد قهرا بسبب طلب مسعد الزواج منها 

لن يصمت لن يصمت بعد الآن في المساء سيتحدث مع والده وسيحسم الأمر على ما هو يريد يعلم أن الله لن يكسر خاطره وقلبه يعلم أنه سيقف معه وستكون من نصيبه بطريقة ما هذا ما يعلمه جيدا 
في المساء
كان جاد في الورشة منذ الصباح إلى الآن لم يستطع أن يعمل بأي شيء عقله مشغول بها وبما يحدث وما سيحدث ولديه كم كبير من العمل ولكن كلما وضع تركيزه بالعمل ليعمل يعود مرة أخرى إليها ويفشل بما يفعل فترك كل شيء إلى العمال معه بالورشة تحت إدارة عبده الأقدم بينهم والأكبر سنا ثمانية وعشرون عام والأقرب إليه أيضا 
طارق حمادة لموا العدة يلا
بعد أن قال هذه الكلمات ألقى برأسه بين يديه على مكتبه وهو يفكر ولم يتوقف عن فعل هذا الشيء استمع إلى صوت حمادة يتقدم منه قائلا بجدية
لسه في شغل يسطا جاد ولسه كمان معاد قفل الورشة مجاش
رفع رأسه ينظر إليه بهدوء فتحدث مرة أخرى قائلا بعدما ابتسم بسخرية
تعرف يا حمادة أنك پتخاف على الشغل أكتر مني بأمانة والله
ابتسم حمادة بهدوء وقد فرح لمدحه هكذا وفرح بعلمه أنه ېخاف على عمله وأردف قائلا بجدية وهو يبتسم
اومال يسطا جاد الشغل ده فاتح بيوتنا لازم نخاف عليه
عاد برأسه إلى الخلف مستندا إلى ظهر المقعد ثم هتف بجدية وإرهاق قد ظهر عليه بعدما أنهى حديثه مع مسعد
طب يا عم الحلو اعتبرها إجازة مني ليكم يلا
لموا العدة
امتثل لأوامره وذهب من أمامه وبدأ العمل مع طارق كما قال تقدم عبده من المكتب الذي يجلس عليه جاد سحب مقعد وذهب به إلى جواره جالسا عليه عكسيا 
تحدث قائلا بخفوت إلى جاد وهو ينظر إليه بخجل
تسمحلي أقولك حاجه يا كبير
أومأ إليه برأسه وهو يعلم ما الذي يريد قوله ولو أراد أن يقوله هو لفعل ولكن مع ذلك سمح له ليتحدث ويجعله يشعر بالراحة
صراحة كده اللي عملته مع مسعد غلط كان المفروض تمسك أعصابك شوية والحج كان خلص الليلة دلوقتي الحارة كلها مالهاش سيرة غير مين البت اللي الاسطى جاد حارق نفسه عليها والأغلبية عارفين برنسس الحارة اللي على لسان مسعد
لم يكن أبلة ليكون لا يعرف ما الذي سيتحدث به! أجابه جاد مستنكرا حديثه متحدثا بانفعال ونبرة حادة وهو يستدير ليقابله
يعني ايه حارق نفسه هي ولا غيرها كنت هعمل كده ده في فرق بينهم يجي خمستاشر سنة لو مكانش ستاشر ومتجوز تلاتة لو وقفت وسطيهم هتطلع مېته
تحدث عبده مجيبا إياه بعقلانية وهدوء
يا كبير أنا فاهم بس كان ممكن تسيب الليلة في أيد الحج
وهو لا يمكن أنه يوافق وأنت شوفت بنفسك وعلى فكرة بقى باللي أنت عملته ده نولت مسعد اللي في باله هو عايز يعمل شوشرة حواليها وأنت وأنا عارفين ليه
أردف جاد سريعا بعصبية وحنق من كلماته عنها وهو لا يود أن يستمع إلى أي شيء يخصها
لا عاش ولا كان اللي يشوشر عليها ولا يجي ناحيتها دا أنا كنت اشقه نصين ومسعد أنا ليا تصرف تاني معاه سبهولي
أخفض عبده نظره إلى الأرض وكان لا يود التحدث بهذه النقطة ولكن هو من أوصله إلى هنا رفع نظرة قائلا بجدية
متتحركش ورا عواطفك ناحيتها يسطا جاد حكم عقلك
ضيق ما بين حاجبيه سائلا إياه بصوت خاڤت وهو يدقق النظر إليه بعد أن استغرب حديثه
تقصد ايه
هتف الآخر قائلا بابتسامة بسيطة وعقلانية في حديثه
يسطا جاد أنا واخد بالي من زمان أنك ميال ليها وعارف إنك راجل دوغري وعارف ربنا واللي بتعمله كله بالحلال ولو واحدة تانية مكنتش هتعمل كل ده مع مسعد أنت كنت هتسيب الحج رشوان يحل الموضوع علشان كده خلي بالك من تصرفاتك أنت عارف الحارة كل اللي فيها عايزين خبر يقعدوا عليه ولو عملت اللي في دماغك هتجيب عليها غبار وهي نضيفه
وقف عبده على قدميه بعدما ربت على فخذ جاد كأنه يمده بالدعم وتوجه ليساعد طارق و حمادة بينما ترك جاد يفكر في حديثه والذي رآه معقولا وصحيح 
أنه لم يفكر بحديث الناس عنها عندما يفور غضبه هكذا لم يفكر بماذا سيقول الجميع في هذه الحارة المعروفة بأن أهلها لا يصمتوا عن شيء يحدث وهي فتاة وسمعتها أول شيء يهمها ويهمه هو الآخر
فتح جاد باب شقتهم بمفتاحه الخاص وولج إلى الداخل مغلقا الباب خلفه وقد كان يود وبشدة أن يدلف إلى غرفته لا مكان آخر ولكن ليس كل ما نريده يحدث وحتى وإن كان من أتفه الأشياء 
استمع إلى صوت والده يهتف بإسمه من صالة المنزل ليتقدم إليه بعد أن زفر بهدوء شديد دلف إلى الصالة ووجد والده ووالدته فهيمة يجلسون سويا ويبدو أنهم كانوا في انتظاره 
والدته سيدة طيبة القلب بأصل طيب ك والدة هدير تمام وجهها طويل نسبيا وملامحها تشبه ملامح ولدها وبشرتها خمرية اللون 
ألقى عليهم سلام الله متقدما إلى الداخل وجلس على الأريكة بعد أن أجاب عليه والده ووالدته السلام 
تحدث والده بعد أن نظر إليه بجدية قائلا دون مقدمات كثيرة وقد كان مقرر أن ما سيقوله هو الذي سيحدث
من فترة أنت جيتلي وطلبت تتجوز حصل
أومأ إليه برأسه مستغربا من سؤاله الذي يعرف أجابته جيدا
حصل يا حج
ألقى عليه والده سؤالا آخر وهو يتقدم بجسده للأمام
يعني أنت فكرت في الجواز 
حك جاد مقدمة لحيته بعد أن ضيق عينه محاولا فهم ما يريد أن يصل إليه والده أجابه بهدوء بعد أن نظر إلى والدته باستغربت
فكرت آه
ابتسم والده ابتسامة غريبة وكأنه انتصر عليه في شيء ما عاد إلى الخلف بجسده يستند إلى ظهر الأريكة وتحدث قائلا بنبرة جدية
أنت فكرت في الجواز وجبتلي واحدة أنا رفضتها وأنا عارف إنك مش هتعصى كلامي وقفلنا الموضوع من وقتها ومش هنفتحه تاني
لم يغلق مواضيع هو فقط ينتظر قليلا ليجعل قلبه يلين عليه هو لم يتخلى عنها ولن يتخلى عنها يريدها أن تكن زوجته الصالحة وليس هناك شيء يعيق ذلك سوى سبب والده الذي لا يعنيه 
أبصر والده بدقة ولم يتحدث بعد يريد أن يعرف ما النهاية لذلك الأمر وتلك المقدمة وجده يتحدث مرة أخرى مردفا بحزم
ودلوقتي أنا عايز أفرح بيك شاور على أي واحدة وأنا اخطبهالك ولا خلي أمك اللي تختار ولا أقولك بنت عمك مروان البرنس من كبار الناس في المنطقة مفيهاش غلطة أدب وجمال وأخلاق
لم يتحدث جاد وبقى صامتا يوزع نظره
بين والده ووالدته منتظرا أن يرى إن كان هناك شيء آخر يود إضافته على هذا الحديث الذي لن يفعل به مؤكد 
هتف والده مستغربا صمته الذي بقى حتى بعد إنتهاء حديثه
مقولتش رأيك يعني
سأله جاد مضيقا ما بين حاجبيه وهو يعلم أنه لن يفعل ما يريده واضعا يده على فخذه وهو جالس منحني بجانبه
ولو قولت رأي هتعمل بيه 
اسمعه
وقف جاد على قدميه أمامهم واستدار يعطي
ظهره إليهم هاتفا بجدية وحزم
أنا لما جيت أخد موافقتك كان عقلي وقلبي رايدين واحدة أنت رفضتها ولحد الأن رايدها
وقف والده هو الآخر على قدميه ينظر إليه من الخلف قائلا
يعني ايه يا بشمهندس جاد الله
استدار جاد ينظر إليه بعد أن نظر إلى والدته التي تضع كف يدها على وجنتها وتستمع إلى نقاشهم دون حديث ويظهر على وجهها الحزن لأجل ولدها أردف قائلا
يعني مش موافق يا حج إلا لو أنت وافقت على اللي أنا عايزها
صاح والده بحدة وضيق شديد من رفضه لحديثه لأول مرة وقد كان مقرر داخله أنه سيفعل ما يريد
لأ يا جاد كلامي هيمشي ومش هتتجوز البنت دي طول ما أنا عايش
زفر جاد بصوت عال والضيق احتل ملامحه وهو يرى أن رفض والده ليس له أي أساس وليس هناك أي أسباب مقنعة تحدث قائلا بصوت عال
يوه مهو رفضك ده مالوش سبب مقنع كلام في الفاضي
نظر إليه والده بذهول أنه أول مرة يرفع صوته هكذا أمام والده ووالدته أول مرة له أن يزفر هكذا في وجهه كل هذا لأجل فتاة هل نسي ما ورد في كتاب الله ليزفر هكذا في وجهه
قال تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا
صمت لبرهة وهو يرى ملامح جاد قد تحولت تأثرا بالآية التي اسټشهد بها في هذا الموقف أردف مرة أخرى متسائلا بحزن
بعتصاني يا جاد 
أقترب منه جاد بخطوات بطيئة متحدثا بنبرة مترجية قبل أن تكون جادة وهو يشير إليه بيده
يا حج أنا مش عايز اعصاك بس أنت اللي بتجبرني لو أنت رافض فكرة جوازي من هدير فأنا رافض الجواز كله
جلس والده مرة أخرى جوار زوجته وعاد بظهره إلى الخلف نظر إلى ولده بجدية وهو يود أن يراه أفضل البشر ويعتقد أن ما يفعله هو الصحيح هتف بحدة وقسۏة قائلا
لو رفضت يا جاد الله لا أنت ابني ولا أعرفك
أبصر جاد والده بذهول ودهشة مستغربا ما يقوله هل يصل الأمر إلى هنا هل يتخلى عنه والده فقط لأنه يريد الزواج من فتاة ليست مثل ما يريدها والده وعلى الرغم من أنها كبرت أمام عيناه 
نظر إلى والدته التي إلى الآن لم تتحدث بحرف واحد ربما أخذت التعليمات من والده قبل أن يصعد نظر جاد إلى الأرضية وهو منهزم أمامه خياران الأول أن يعصى أمر والده ولا يتزوج سوى من هدير ويكسب غضبه عليه وعدم رضاه عنه والثاني أن يتخلى عن هدير ويكسب رضا والده عليه إلى الأبد وهذا ما يريده الله من عبادة أن يكون الوالدين راضيين عنا 
تحدث وهو ينظر إلى الأرضية بحزن بلغ أعماق قلبه جاعله الأمواج تثور داخله
اللي أنت عايزة اعمله يا حج
وذهب من أمامهم إلى الخارج متقدما ناحية غرفته وهناك چروح داخله خلقت الآن بعد ذلك الرفض القاطع ستترك ندوب خلفها لن تمحى إلى
 

تم نسخ الرابط