رواية ندوب الهوى بقلم ندا حسن كاملة

موقع أيام نيوز


أشتاق لهذه الخصلات المتمردة دائما على وجهها 
وجدته يتقدم إلى الداخل وعينيه مثبتة عليها وقفت بلهفة وتركت المرطب على المرآة متوجهة إلى الفراش لتأخذ ملابسها ترتديها 
ابتسم جاد بسخرية على حركات الأطفال هذه وتقدم ناحيتها ووقف جوار الفراش معها أخذ من بين يدها الملابس ووضعها مكانها مرة أخرى متحدثا بتهكم

حركات عيالي أوي
نظرت إلى رمادية عينيه الساحرة ووجهه الوسيم الذي ابتسم يتهكم عليها وطوله الفارع وجس ده العريض الذي يخفي جس دها أمامه وجدته ينظر إلى شيء ما محدد في وجهها والرغب تكسو ملامحه متعتطشا إليها ومع ذلك يبدو الهدوء على وجهه شيء أساسي 
بعد اعتراف مريم إلى شقيقتها بأن قلبها يهوى سمير أبو الدهب قامت شقيقتها بتبليغ زوجها أنها توافق عليه وبدوره هو أخبر ابن عمه الذي فرح فرحة كفرحة المچنون بخروجه من مشفى الأمراض العقلية لم يستوعب أنها وافقت عليه بهذه السهولة وكأنها تقول له أنها تبادلة نفس المشاعر التي تداهمه! 
وكأنها تقول أقبل أن أحبك وادأهواك أكثر مما ينبغي! ألا يدري أنها تهواه! 
ألا يدري أنها تحبه منذ البعيد وهو لم يكن يراها من الأساس فرحته لم يكن أحد يستطيع وصفها وكأنه يحبها منذ زمن ولا يستطيع الإقتراب منها 
تخيله أنها ستكون له وحده وزوجته شريكة حياته ونصفه الآخر يجعله يشعر بالنصر وكأنه كان في حرب وخرج منها منتصرا على الأعداء 
عندما تحدث مع والده هو وابن عمه لم يقابله بالرفض أبدا تفكير والده غير تفكير عمه تماما لم يمانع ولم يقول أنه لا يجوز بل وافق أعطى الموافقة فور أن انتهى من الحديث مباركا له متمنيا حياة زوجية سعيدة لابنه كم كان سهلا معه 
وفي ذلك الوقت كان جاد ينظر إليه مبتسما لأجله يقول داخله لو فعل والده مثل عمه لكان ينعم بحياته الآن مع زوجته دون هذا الشك والخلل 
دلفت والدة جاد شقة نعمة والدة هدير وكان معها سعيدة والدة سمير ابن شقيق زوجها 
قابلتهم نعمة بالترحاب الشديد والابتسامة على وجهها من الأذن للأذن الأخرى وفرحتها لا تقدر بثمن لابنتها الأخرى التي ستتزوج الابن الآخر لعائلة أبو الدهب لقد حالفهم الحظ وبقى دعائها لهم بفضل الله 
صاحت بقوة وفرحة وهي تقبل والدة سمير بعد دخول فهيمة للداخل
يا أهلا وسهلا يا أهلا وسهلا دا إحنا زارنا النبي والله نورتوا البيت
ردت سعيدة بحب وود والابتسامة تشق طريقها على وجهها مثلها تماما
البيت منور باصحابه يا أم جمال
وضعت والدة هدير يدها أسفل ذقنها وهتفت قائلة بعتاب ومحبة
يوه ما انتوا أصحابه يا أم سمير اتفضلي اتفضلي
دلفت معها إلى الصالة المتواضعة التي يجلسون بها كالمعتاد ووجدت والدة جاد قد جلست على الأريكة منذ أن دلفت وسلمت عليها 
أردفت فهيمة ببساطة وراحة وهي تعتدل في جلستها على الأريكة
إحنا بقينا صحاب بيت خلاص براحتنا بقى
جلست فهيمة وجوارها سعيدة مقابل والدة هدير الذي أردفت بجدية
طبعا يا أم جاد وحياتك دا إحنا اللي ضيوف
ابتسمت لها بود وهدوء قائلة
تسلمي وتعيشي يا حبيبتي
مرة أخرى تحدثت والدة هدير
بترحاب شديد وسعادة غامرة
دا يا ألف نهار أبيض والله حصلت ألف بركة
أردفت هذه المرة سعيدة والدة سمير وهي تجيبها بود
شالله يخليكي يا أم جمال
أعتدلت فهيمة في جلستها ونظرت إلى والدة هدير بجدية شديدة وهي تشير إلى نفسها قائلة
بقولك ايه يا أم جمال أنت عارفاني بحب الدوغري
أكدت الأخرى بقوة وهي تومأ إليها برأسها
طبعا يا حبيبتي
يبقى صلي بينا على النبي
ردت والدة هدير و سعيدة مع بعضهم البعض
عليه أفضل الصلاة والسلام
وضعت يدها على فخذها وأردفت بجدية وهي تنظر إليها تترقب ردة فعلها
إحنا جايين يعني نتكلم كلام حريم كده على الماشي وناخد الأكيد منك بردو أنت الكبيرة
كانت الأخرى تعلم على ماذا تتحدث لأن ابنتها هدير أخبرتها سابقا أنهم سيذهبون إليها ليتحدثوا بخصوص سمير و مريم
وحياتك يا أم جاد هدير ومريم بناتكم وانتوا اللي مربينهم وأنا ماليش فيهم حاجه
ابتسمت سعيدة بفرحة بسبب حديثها ونظرتها للأمام الموفقة في هذه الزيجة ورؤيتها الأكيدة لسعادة ولدها أجابت بلطف مؤكدة حديث والدة جاد
تعيشي يا أم جمال جاد قالنا أنكم موافقين بس بصراحة أنا وفهيمة قولنا ناخد الكلام منك وأهو نقعد معاكي شوية والنبي مقعدناش القعدة دي من زمان ياختي
عادت للخلف وهي تجلس براحة متحدثة
بود ولين مقصرة عليهم جميع المسافات وهي تدلي بموافقتها الصريحة
تشرفوا وتنوروا يا ولاد الأصول وأنا زي ما قولتلكم مريم وهدير أنا اللي اطلبهم منكم دا الحج رشوان خيره مغرقنا وهو اللي مربيهم والله
أردفت والدة جاد بهدوء
الخير خير ربنا يا أم جمال
أكملت حديثها وهي تخبرها بما اتفقوا عليه بجدية لتتم هذه الزيجة كما التي قبلها
يبقى على خيرة الله وبكرة إن شاء الله من غير مقاطعة الحج رشوان والحج عطوة وجاد وسمير هيجوا يتقدموا رسمي حسب الأصول ويتفقوا ونفرح كده زي ما فرحنا لجاد وهدير
رفعت والدة هدير يدها أمام وجهها وهي تتحدث برجاء ثم أخفضتها مكملة بفرحة
ياختي يارب هو أنا أطول والنبي دا أنا ربنا بيحبني أنا وبناتي إحنا هنلاقي أحسن منكم فين بس دا انتوا الخير والبركة
تحدثت الأخرى بلطف تمدح في بناتها وتربيتها
والله ولا إحنا يا أم جمال نلاقي زيك ولا زي بناتك أدب وأخلاق وجمال وتعليم كمان بسم الله الله أكبر دا غير أنهم عاقلين طب وحياتك جاد ابني كل ما أسئلة عن عيشته مع هدير يقول أحسن واحدة خلقها ربنا ومريحاه ادعيله وأقوله يارب دايما يا حبيبي
وضعت نعمة يدها الاثنين أمام بطنها متشابكين وتحدثت برجاء
والله يا أم جاد مش عايزة حاجه من الدنيا غير سترهم وإن محدش يسمع بيهم
هتفت والدة سمير بصوت واثق وهي تحرك يدها أمامها أثناء الحديث
إن شاء الله يا أم جمال وأنت عارفة عيشة مريم هتبقى زي هدير في بيت لوحدها آه حبت تيجي عندنا غدا ولا عشا ولا انشالله تقعد على طول براحتها محبتش بردو براحتها
افتعلت صوت بفمها دليل على استنكارها لما تقوله وأردفت مجيبة
وهي تطول تقعد معاكي 
أكملت حديثها مبتسمة مؤكدة أن هذه العائلة أصيلة طيبة تكمل باستنكار محبب إلى قلبها
طب والله دا هدير بنتي تقولي يا ماما بزهق من القعدة في الشقة أقوم جاية لماما فهيمة البت حتى ياختي متدخلش لأمها لأ تطلع جري على فوق تقعد نص يوم وتنزل تروح من غير ما أشوفها
ضحكت الأخرى متذكرة جلساتها مع زوجة ابنها المرحة واللطيفة للغاية ومتذكرة أيضا تذمر ابنها عندما تبتعد عنه فأكملت بضجر واضح منه
الشوية بتوعها اللي بيهونوا عليا ياختي تيجي نفضل نضحك لحد ما تمشي لو عليها مبتبقاش عايزة تروح إنما جاد ابني بقى كان الله في العون
ضړبت سعيدة فخذها بخفة وهي تردف ضاحكة بقوة
شباب شباب يا أم جاد ياختي سبيهم يفرحوا
نظرت إليها وقالت بصدق ونبرة فرحة حقيقية وأكملت بسخرية ضاحكة
والله منا عايزة غير كده يا سعيدة دا الواد كان معزوم عندي استكتر يسيبها تساعدني خدها جري على الاوضه
دعت لهم زوجة عمه وتمنت أن ترى ابنها هكذا هو وزوجته والسعادة تحيطهم لينعم بالراحة
ربنا يسعدهم يارب وأشوف سمير ومريم كده ياختي
أردفت الأخرى قائلة
قريب بإذن الله
وقفت والدة هدير على حين غرة وأردفت وهي تبتعد بسرعة قائلة بانزعاج وضيق
يادي العيبة الكلام خدني ونسيت اجبلكم حاجه تشربوها
لم تستطع احداهن الإعتراض فهي ذهبت
سريعا من أمامهم وكأنها ركضت إلى الداخل
وقفت في المطبخ بعد أن دلفت إليه لتأتي إليهم بالعصير وكانت ابنتها هي الأخرى في المطبخ منذ أن أتوا ولم تستطيع الخروج منه حتى لا يروها تقدمت إلى والدتها وقالت بحنق وضيق
يا ماما مش قولتلك مليون مرة ماينفعش تقولي لحد زارنا النبي
تركت الزجاجة من يدها ثم وضعت إصبعها السبابة والإبهام على شفتيها بعد أن افتعلت صوت بهما قائلة بضيق
يوه يا مريم نسيت والله الكلمة على لساني
ربتت مريم على ظهرها وقالت بهدوء وابتسامة
طيب يا ماما حاولي يا حبيبتي متقوليهاش بقى علشان حرام ماينفعش نشبه زيارة حد بزيارة النبي عليه الصلاة والسلام
في اليوم التالي ذهب رشوان ومعه شقيقه عطوة وأيضا جاد و سمير إلى شقة سامي الهابط لخطبة مريم ابنته 
ومنذ الصباح كانت ذهبت هدير إلى شقيقتها ووالدتها لتكن معهم إن أرادوا شيئا سعدت كثيرا لشقيقتها ولم تكن سعادتها عادية بل كانت غاية الفرحة اعتبرت مريم مثل ابنتها وتولت تلك المسؤولية عنها منذ أن توفى والدها والآن تحمد الله لكون شخص مثل جاد يريد الزواج منها 
من أصله وطباعه ومن عائلة على الأقل معروفة في منطقتهم ولها كلمة مسموعة بين الجميع هنا ستكون سعيدة ستكون في غاية السعادة مؤكد فهي تحب سمير وهو يحبها وهذا ظاهر بشدة أمام الجميع 
وحقا كما قالت ف سعادة مريم لم تكن تقدر بثمن استجاب الله لدعائها حقق أمنيتها في الزواج منه حافظت على قلبها ونفسها وكما هي نقية محبة والأن أتى لخطبتها ولتكن له وحده 
زوجته حبيبته نصفه الآخر وقوته حقا لم تكن تصدق أنه شعر بوجودها وقرر الإقتراب أكثر الإقتراب إليها أكثر من نفسها 
لقد قال وفعل حقق ما ألقاه عليها بصفة غير مباشرة إلى حقيقة واقعية تحاول تصديقها 
سعادته هو الآخر أكتملت أكتملت بوجودها بوجود شخص شعر بأنه يريد قربه وحده طوال الوقت يريد رؤية ابتسامة منها رؤية نظرة عينيها
العسلية براءتها وحبها الغير محدد 
لن يتحدث عن سعادته أو حبه لها بل سيقول الحمدلله على ما أعطى له 
ابتسم جمال بعد أن استمع إلى حديث رشوان والد جاد وكبير العائلة بطلبة زواج شقيقته من ابن أخيه
أنا مقدرش أرفض يا حاج رشوان وبعدين انتوا اخدتوا الكبيرة مش هديكوا الصغيرة
أردف الآخر مرة أخرى بجدية وهو ينظر إليه منتظرا حديث ليس محسوب كحديثه في ليلة جاد
ربنا يخليك يا جمال يابني طلباتك ايه بقى إحنا تحت أمرك
أجابه جمال بجدية شديدة وحزم وهو يعرف ما الذي سيفعله
طلباتي في مريم هي هي طلباتي في هدير
نظر إليه عطوة والد سمير باستغراب هو لم يكن موجود أثناء اتفاقه على زيجة جاد لذا لا يعرف ما الذي يريده تسائل بجدية وهدوء
اللي هي ايه يابني
تحدث جمال ببساطة ووضوح شديد ولم يخفي شيء بل تحدث بصدق أمامهم
الدهب مية ألف والقايمة نص مليون معلش يا حج عطوة أنا عايز اضمن حاجه لأخواتي مين عارف ايه اللي هيحصل بكرة
كانت تقف على أعتاب باب الغرفة تنظر إليهم من بعيد تبتسم بسعادة لأجل شقيقتها الصغرى التي قاربت على أن تكون كبيرة ناضجة تستمع إلى حديثهم وذلك الإتفاق الذي يخوضه والد زوجها وشقيقها 
عندما استمعت إلى آخر حديث لشقيقها ذهلت وكأنها استمعت إلى حديث خاطئ هل هو من طلب الذهب بهذا المال! إنه ليس كثير لدرجة الذهول ولكن ذهولها
 

تم نسخ الرابط