رواية ندوب الهوى بقلم ندا حسن كاملة
المحتويات
ليستمع إلى حديثها اللين الذي تراضيه به ويريد أن يشعر قلبها بالحب والسعادة
لقد زال عنها التشتت بعد أن أقتربت منه هي التي كانت تقول داخلها أنه ربما تقدم لها لأجل والده أو أشفق عليها بسبب ما فعله مسعد أمام الجميع ولكن مع مرور الوقت والتقرب منه وجدته ذلك الرجل الشهم والصالح البار بوالديه
وجدت به كثيرا من الأشياء التي لم تكن تعرفها عنه وعلمت أنه جاد الله عن حق اسم على مسمى
لقد شكرت الله كثيرا بعد أن وضحت لها الرؤية وشاهدت غيرته عليها ورأت نظرة الحب في عينيه يكاد يراها الأعمى ولكن مع ذلك لم يتحدث بعد ولم يعترف بشيء إليها سوى بعض التلميحات السخيفة منه مع كل هذا الحديث الرائع ولكن تتوق لسماع كلمة واحدة من بين شفتيه تجعلها تنسى على ما مضى ولا تتذكر سوى لحظة أن تحركت شفتيه بنطقها ولكن متى يا معذب الفؤاد متى!
من الأساس هو كل يوم معها يشعر بفرحة جديدة لم تمر عليه من قبل
سعادته بوجودها معه أمام الجميع هكذا لا تقدر بثمن فرحته بكونها زوجته لا يستطيع أن يوصف كيف هي
وهذا الشهر الذي قربها منه كثيرا وكثيرا أصبح يدين له بل صاحب فكرة عقد القرآن لأنه من جعلهم يتحدثون دون أن يضعوا حدود بينهم وكانت الأحاديث بينهم واسعة المدى
يحبها فوق الحب حبا قلبه يخفق پعنف عندما يراها عينيه لا تستطيع النظر لشيء آخر غيرها قبل ذلك كان كلما نظر إليها يظل يتمتم بالاستغفار لما فعلته عينيه
لا يستطيع القول سوى أنه يشعر بالسعادة الخالصة لكونه حصل عليها برضا والده واستجابة الله له فقد أخذ كل صلاته دعاء بأن تكون زوجته الصالحة في الدنيا والآخرة
جلست على الأريكة في غرفتها ووضعت الهاتف على أذنها بعد أن أجابت عليه
أردف على الناحية الأخرى بصوت مشتاق يحمل إليها اشتياقه داخل بعض الكلمات المعاتبه الحنونة
أهلا بالۏحش وحشتيني ينفع كده تلت أيام يعدوا مشوفش طيفك حتى
وقفت على قدميها وذهبت إلى باب الغرفة أغلقته من الداخل ثم أجابته بجدية وهي عائدة تجلس على الفراش ولكن الابتسامة على شفتيها تتسع بعد استماع كلماته المغازلة
العادات يا بشمهندس جاد ولا نسيت
هذه العادات التي منعته عن رؤيتها ورؤية عينيها التي تسحره أجابها بجدية وفرحة تختفي داخل كلماته
لأ منستش خلاص هانت كلها النهاردة لأ النهاردة ايه كلها ساعات الليل وبكرة ليلة العمر وتفضل قصاد عيني يا وحش
استشعرت فرحته التي ربما تكون أكثر منها بكثير فسألته وهي تستند بظهرها إلى ظهر الفراش
أنت فرحان يا جاد
ابتسم متمتما كلمتها بتعجب وتساءل مثلها ثم هتف بمكنون قلبه عن الفرحة التي وقعت عليه
فرحان! دي كلمة قليلة أوي على اللي أنا حاسس بيه
شعرت بما يقوله وشعرت بمدى فرحته أكثر من مرة ولكن ولا مرة منهم علمت ما السبب الحقيقي خلفها سألته مرة أخرى باستغراب
للدرجة دي
ابتسم بسخرية وهو يهز رأسه بتهكم عليها فحديثها بالنسبة له يمثل عدم معرفتها بأي شيء حتى حبه لها
وأكتر كمان أنت أصلك مش فاهمه حاجه
أردفت باستغراب وتعجب شديد من حديثه الذي يعتبر يتجه إلى ناحية ألغاز سخيفة يفعلها دائما
الله! طب ما تفهمني
هتف بلا مبالاة وهو يشعر أن الآن ليس الوقت المناسب للاعتراف لها بكل ما كان يشعر به
بعدين كل شيء بأوانه
تنهدت بضيق وانزعاج منه لأنه دائما يخفي هذه النقطة بالتحديد عنها لم يتحدث إلى الآن وكلما أقترب معها إلى هذا الطريق الذي يحتم عليه الاعتراف يغير مساره إلى طريق آخر أسهل في السير الصامت تمددت على الفراش ثم سألته على منزل الزوجية بعد أن تذكرت أنه تم فرشه بعد ذهاب أشياء العروس
صحيح الشقة حلوة والعفش باين فيها وحلو ولا لأ
ابتسم بعد أن تذكر عش الزوجية الخاص بهم والذي سيجمعهم غدا سويا أردف بحب مادحا اختياراتها
العفش شكله حلو واستايل هو أنت بتنقي حاجه وحشه بس لون اوضه الأطفال مكنتش عايزه أبيض قولتلك لون تاني بس أنت دماغك ناشفه
صاحت بحدة فحديثه دائما عن أثاث المنزل يجعلها تود أن تخنق نفسها من اختياراته الغبية
لا يا شيخ يعني عفش الشقة كله لونه بني داخل غامق
وعايز كمان اوضه الأطفال غامقة دا ايه الدماغ دي
هتف بسخرية وهو يضحك بسبب تحولها وهو الذي كان يود أن يضايقها لتقع بفخه سريعا
مكنتش غامقة كانت رصاصي
فعلت مثله وأردفت بسخرية وضجر واضح
جاد ممكن تسكت دا على
أساس يعني أن الړصاصي ايه
أومأ برأسه وأخذ الهاتف إلى الناحية الأخرى ثم هتف بمرح وهو يعبث معها
ياستي ماشي بس ايه كل الحاجات الحلوة اللي في الدولاب دي مكنتش أعرف أن ذوقك جامد كده
لم تفهم عن ماذا يتحدث فسألته عاقدة بين حاجبيها باستغراب
حاجات ايه
ضحك بشدة حتى أنها استغربت ضحكاته فأجابها بخبث وهو يغمز بعينيه وكأنها تراه
يا وحش الحاجات الهشك بشك
صاحت به مرة أخرى بانزعاج لرؤيته أشيائها ولأنه نقض الاتفاق الذي كان بينهم
آه يا قليل الأدب أنت مين قالك تطلع الشقة وتشوف اللي فيها أصلا مش اتفقنا نتفرج عليها ركن ركن سوا
وقف على قدميه وابتسم بسعادة بعد أن استمع صوتها المنزعج ثم أخذ يسير في الغرفة ذهابا وإيابا وهو يتحدث بجدية
بصراحة مقدرتش أقاوم وبعدين متستعجليش هخليكي تشوفي ركن ركن زي ما قولتي
زفرت بهدوء وابتسمت مرة أخرى والسعادة ترفرف داخلها بكونها ستذهب لمنزله غدا! أتصدق ذلك
النهاردة تعبت أوي في الحنه أنا ما صدقت أنها خلصت
زفر وهو يتذكر الذي فعلوه هو وأصدقائه في الشارع لتوديع عذوبيته
ومين سمعك أنا اتهديت مش تعبت الشارع كله كان مسدود من اللي فيه وصحابي مخلوش فيا نفس من كتر الرقص
ضحكت عليه واستشعرت ضيقه من ذلك فهو لا يحب الرقص المفرط هذا على عكس ابن عمه
كنت سامعه كل حاجه كويس إني عملتها هنا على الضيق مش عارفه كنت هعمل أي بجد
أردف مبتسما باتساع
المهم أننا فرحنا واللي حوالينا فرحوا
عندك حق
قالت والابتسامة مازالت على وجهها وهي تتذكر وقفة سمير الجادة معه وكأنه زفافه هو
على فكرة سمير تعب معاك أوي ولا كأن هو اللي بيتجوز
سخر منها وكأنها لا تعلم أنهم أخوه وأكثر قائلا بمزاح
لو متعبش ليا يعني هيتعب لمين الواد ده
يا ساتر عليك كلمة شكر للراجل حتى تصدق لما أقابله هقوله
للحظة شعر بالغيرة لكونه تخيل أنها تتحدث معه بأريحية رغم أنه يعلم أنها لا تفعلها ولكن شعور الغيرة منذ أن أصبحت زوجته يزداد داخله دون دراية منه
وهتقوليله ايه إن شاء الله
رفعت إحدى حاجبيها وتحدث وهي تلوي شفتيها بسخرية
هقوله إني بشكر فيك وبقول قد ايه أنك تعبت علشانا وقد ايه أنت شخص كويس وفي المقابل الاسطى جاد مش عاجبه
جلس على الفراش وأخذ الهاتف للناحية الأخرى من جديد وأردف بنبرة رجولية جادة ليس مثل السابق
هو أنت وقفتي مع سمير قبل كده
شعرت بتغير نبرته للجدية التامة فأجابته بجدية هي الأخرى وهي تعتدل في جلستها على الفراش
لأ أبدا هو بس لما بيشوفني في الشارع أو حاجه بيسلم عليا وبيقولي لو محتاجه حاجه مش أكتر من كده بصراحة شخص ذوق يعني
تمام
استغربت تغيره المفاجئ دون داعي فقط من بضع كلمات عن ابن عمه ولا تعني أي شيء أنه يغير عليها غيرة مفرطة ولكن ليس لهذه الدرجة
مالك في ايه
نفى وجود شيء ما به ثم غير الحديث سريعا إلى شيء آخر وهو يسألها بجدية
مفيش حاجه أنت هتروحي الكوافير بكرة من امتى
الساعة اتنين
وقف على قدميه ثم هتف بجدية
طيب يلا تصبحي على خير أنا تعبان ومحتاج ارتاح شويه
نادته بلين ورقة عبر الهاتف
جاد
نعم
تحدثت بجدية تتغلغل بها مشاعرها المفرطة تجاهه وودت أن تقول هذه الكلمات حتى تبعد عنه انزعاجه الذي أخذه منها في لحظة خاطفة
على فكرة أنا مش شايفه حد غيرك!
ابتسم بهدوء شاعرا بحبها الشديد له قابلها بنفس الكلمات اللينه والشوق يزداد داخله
وأنا مش شايف حد غيرك تصبحي على خير
وأنت من أهلي يا جاد
أغلق الهاتف واستدار ليجد صورته منعكسه بالمرآة فنظر إليه بجدية غدا ستصبح زوجته سينتقل معها إلى عش الزوجية ويقص عليها كل ما أخفاه عنها ستكون حياتهم سويا تبنى على طاعة الله هذا ما قرره داخله
يعلم أن أفكاره مشوشه ولا يستطيع التفكير في شيء واحد فقط بل ينزحم عقله ويدلف باشياء أخرى ولكن هناك شيء واحد الذي يهمه
وهو التقليل من الغيرة الغبية التي تجعله ينزعج من أقل الأشياء حتى وإن كانت تافهة
نظرت إلى سقف الغرفة بعد أن أغلقت الهاتف والأفكار تتزاحم داخل عقلها بكثرة عن كثير من المخاۏف القادمة وبدايتها غدا
توتر تشعر به أي فتاة في مثل ذلك الموقف رجل ستتحمل مسؤوليته وتكون هي عمود المنزل الجديد الذي ستذهب إليه وغير
ذلك كثير داخلها كلما فكرت به شعرت بصداع شديد
اليوم قررت التخلي عن هذا الصداع ووقفت على قدميها لتأخذ كتاب القرآن الكريم من على الكومود وجلست على الأريكة معتدلة لتقرأ به قليلا وليكن خير فاتح لحياتها القادمة متناسية أي شيء وأي تفكير آخر
منذ صباح اليوم التالي والجميع يعمل على قدم وساق فاليوم زفاف جاد و هدير
هي ذهبت في الساعة الثانية ظهرا مع شقيقتها وصديقتها إلى صالون التجميل لتخرج منه العروس
التي رسمتها داخل مخيلتها كثيرا
بينما هو استيقظ الساعة الواحدة ظهرا بعد أن هبط إليه سمير ليجهز أشيائه ويكون على أتم الاستعداد لهذا اليوم
هبط والد سمير ووالدته إلى شقة جاد ليجلسون بها مع جميع الأقارب الذين انتوا إليهم ليكونوا من حاضرين الزفاف وصعد جاد إلى شقة عمه ليتجهز فيها ويذهب إلى
متابعة القراءة